مقالات مجد الوطن

حتّى لا تكون جباناً !!!

 

بقلم/ حسين بن سعيد الحسنية

@h_alhasaneih

 

 

الجُبْن من الصفات المذمومة والأخلاق السيئة التي يأنف منها المجتمع، وتتشاءم منها الذوات، وتتبرّأ منها الأمم، ولولا أنّه صفة مقيتة ووبال ثقيل ما تعوّذ منه نبيّ الأمّة محمد صلّى الله عليه وسلِّم، حيث قال: ” وأعوذ بك من البخل والجُبْن “.

 

 

الجُبْن ضرره كبير ومستمر، وإذا لم يقم صاحبه بمعالجته تسبب بهلاكه.

 

 

ومن أضرار الجُبْن هضم الذات، وانكسار النفس، وتردّد العزم، وتشتّت الذهن، وضياع الحقوق، والشعور بالانهزاميّة، والذل، والقهر، والعودة للوراء، والقعود مع الخوالف، والتبعيّة الممقوتة.

 

 

والنَّاس في الغالب لا تحبّ الجبان ولا تعتمد عليه ولا تثق فيه ولا تأنس به ولا يفرح أحد برفقته ولا يفخر بمعيّته، لأنّه يهرب من المواجهة ويغيب عن المشهد ويخون الرفقة ويعتذر عن قول الحق ويخلف الوعد وينقض العهد ويخون الأمانة ويؤلّب القلوب بعضها على بعض، كل ذلك حتّى يسلم بنفسه ولو على حساب دينه وأهله ومجتمعه وأمّته.

 

 

وحتّى لا تكون جبانًا .. عليك أن تدرك أنّ التاريخ لا يرحم، وأنّ المواقف شاهدة إمّا لك وَإمّا عليك، وأنّ لكل حادثة نبأ ولكل مسرح حضور، فإمّا أن تكون جسوراً مقداماً فيفخرُ بك الصديق والعدو، وإلّا لفظك التاريخ بسبب جُبْنك المذموم.

 

 

وحتّى لا تكون جباناً .. اعلم أنّ الشجاعة صبر ساعة، وأنّ النّصر مع الصبر، وأنّ عاقبة ألم الشوك الظَفَر برائحة الزهر، ولأنْ تصبر نهار يوم وأنت شجاع قومك خير من أن تعيش الدهر كلّه وأنت ذليلهم وجبانهم.

 

 

وحتّى لا تكون جباناً .. اربأ بنفسك عن مواطن الرّيب وأماكن العيب، وارتق بروحك عن شوائب الشجون ودَخَن الظنون، واسمُ بذاتك عن هوان الحال وهيّن المقال، واشرف باسمك ووسمك ورسمك مع كل هّمة وفوق كل قمّة.

 

 

وحتّى لا تكون جباناً .. لا ترضَ الدنيّة في دينك، ولا تقبل الظلم على نفسك، ولا تصغر لمن يتكبّر عليك، ولا تعرّض كرامتك للأذى، ولا يساومك شخص على قِيَمك ومبادئك، ولا تُطل العيش تابعاً، ولا تستحِ من إبداء رأيك، ولا تخف من ظروف الحياة، ولا تأبه بتعكّر الأمزجة، ولا تقلق من تقلّب الأحوال.

 

 

وحتّى لا تكون جباناً .. لا تنظر بعينيك الاثنتين لمن ينظر إليك بعين واحدة، ولا تلتفت بوجهك لمن يصعّر لك خدّه، ولا تسأل عن من لا يقدّر مجيئك، ولا تسكت عن حقّ أُخِذ منك، ولا تترك للأحمق مجالاً لممارسة حماقته معك، ولا تجعل لأهوج أو متمرّد طريقاً عليك.

 

 

وحتّى لا تكون جباناً .. ثق بربك ثمّ بنفسك وبرأيك وموقفك، ولا تتنكّب عن طريق المروءات، ولا تنحرف عن سبيل القدوات، وعامل الجميع بأخلاق الكبار، دون أن تُضيّع لك حقّاً، أو تعتدي على حق غيرك.

 

 

وحتّى لا تكون جباناً .. اعلم أنّ من صور الشجاعة الصدقَ في القول، والرجاحةَ في العقل، والحكمةَ في التصرّف، والسدادَ في الرأي، والثباتَ في المصيبة، والاعتذارَ عند الخطأ، وتحرّي الفضائل والتحلّي بها، والحذرَ من الرذائل والهروب منها.

 

 

وحتّى لا تكون جباناً .. اجعل لك في كل ميدان حضورا، وشيّد لك في كل دار منارة، وازرع لك في كل بستان زهرة، وكن أنت حديثَ الناس بالخير والمعروف، وقبلتهم عند حصول المشاكل والظروف، وقدوتهم الصالحة المصلحة عند كل قعود ووقوف.

 

 

وحتى لا تكون جباناً .. فإنّي أذكّرك بأنّ الدنيا بمن فيها لا تحبُّ الجبان، ولا تأبه به، ولا تسأل عنه، ولا تفكّر فيه، والعاقل من أدرك ذلك فتخلّص من الجُبْن فوراً دون تردّد أو تسويف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى