وقبل أن تخرج من عندي ثبت وصيتي في ذاكرتها، استقلت السيارة وأنا أرافقها عبر أثير الهاتف النقال، كانت تصف لي تحركاتها بصوت خفيض: “وصلت الحي، هأنا اتسلله في هدوء وأشق طريقي بين سكون الظلام الهادئ الموحش، سأمشي بحذر انني أنظر إلى جانبي خشية أن أؤخذ على حين غرة.. لقد وصلت إلى باب بيتنا العزيز.. أين المفتاح؟ سأقف تحت إضاءة اللمبة وأخرجه.. هل هذا وقتك لتضيع؟ آه لقد عثرت عليه انه يجب الغوص في قاع الحقيبة”.
قلت لها: هيا أسرعي أن بندول الساعة يشير لاقتراب الواحدة.
حينئذ أدارت المفتاح بهدوء ففتح الباب وأصغت في اهتمام فلم تسمع أي صوت.. أغلقته وسارت بهدوء حتى أصبحت في الصالة الأمامية حيث كان باب غرفتها على اليمين وقبل أن تفتحه ببطء شديد، أضاءت أمها من خلفها الإباجورة، وفي نهاية تسلل شارع حييهم الطويل ألقت أمها القبض عليها متلبسة في الصالة وهي تحمل في يدها زوج جزمتها والكيس، سمعت شيئًا يسقط وأمها تضيق عليها السؤال: “أين كنتِ” فأغلقت الخط..
الروح/ صفية باسودان