بقلم: حسين بن سعيد الحسنية
@h_alhasaneih
إنّ من يراعي مشاعر الناس – غالباً- يعيش مرتاح البال، فهو لا يُعنّف أحدًا، ولا يسيئ الظن بالناس، ولا يرضى أن يكون حاسداً لناجحهم، أو شامتاً بفاشلهم، بل يعيش محباً لهذا، ومؤْثرًا ذاك على نفسه، فرحاً لفرح أولئك، ومتأسفاً على معاناة هؤلاء.. وهكذا دواليك.
يعزم صاحب هذا النمط (الإيجابي) مع كل بداية يوم أو موقف أو علاقة أن يعيش السلام مع الجميع بكافة صوره قدر استطاعته، فهو يبتعد عن مجالس الخلط والشطط في نيّات الناس وتوجّهاتهم خوفاً من أن يتأثر قلبه سلباً على أحد، وتسوء حالته إذا اندلعت المعارك الكلامية (الهلامية) التي لا فائدة منها ولا طائل من ورائها، مؤمناً بأن العيش خارج دوائر الصراع يرقّي من أخلاقه ويقلّل من آلامه ويحافظ إلى حد كبير على جسور الودّ والتواصل مع من في تلك الدائرة أو خارجها.
هذا النوع من الناس نتيجة لمعايشته الطيّبة مع الآخرين يجد مكانه أحياناً على منبر الحكمة، ينطق بها، وقد يتمثّلها عملاً وتصرفاً، والجميع يشعر بذلك حقيقة، فيكون لهم مرجعاً لأمورهم وقضاياهم، وأحياناً يجد نفسه على كرسي المستشار يحل ما أشكل على أقرانه، ويعالج ما يشكو منه أصحابه، فيكون لهم حينئذٍ المورد العذب، وقد يتفاجأ بكونه مُطِلاًّ على الجميع من فوق منصّة المعرفة، ليعرّف كل من حوله وغيرهم، بجماليات الحياة ورونق العلاقات وأبجديات التواصل، فيكون لهم المعلمَ المفهِمَ المتقنَ.
والحقيقة… لو لم يكن لهذا النوع من الناس أو هذا النمط الجميل من أنماطهم المختلفة، الذي يراعي مشاعرهم ويداري نفسيّاتهم، ويؤمن بوجوب العيش معهم بودّ وسلام، إلّا أن يكون الحكيم بينهم متى ما تحدّثوا أوتناقشوا، والمستشار المؤتمن فيهم متى ما ضلّوا السبيل وحاروا، والمعلمَ لهم متى ما غُيّب عليهم وجهلوا … لكفاه ذلك شرفاً بينهم وسؤدداً عليهم وحظوة فيهم.
أخيراً .. نحن في أمسّ الحاجة إلى أن نربّي أنفسنا وأبناءنا ومجتمعنا على مهارة *مسالمة المشاعر* وتطبيب النفوس ومداراة الخواطر، وأن نعيش على مبدأ الحق ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه “، وهذا يضمن بإذن الله تعالى حياة طيّبة يعيشها الإنسان مع نفسه أولاً، ومن ثم مع الآخرين.
من كتابي #وحي_الأمكنة