الروح/ صفية باسودان – جازان
ومنذ أن وطئت قدميها أرض المشفى وهي تلتفت يمنة ويسرة كأنها تقوم بتمارين رياضية لرقبتها إلى أن قالت: “لا بأس علينا أنا على يقين وثقة لا أحد خلفنا في الوقت الحالي”.
هزيت رأسي بقوة وأنا أقول: تمام.. تمام.. هذا جيد.
نقرنا أرض ردهة انتظار النساء نقر الغراب، صلينا فيها، ومن ثم انطلقنا من باب الطوارئ بسرعة مطلقة كالصاروخين. حطينا على عتبة باب بيت “الراقية” والذي كان بابه مفتوحًا.. بابًا حديدًا ذو درفة واحدة تدخل وتخرج من خلال فتحته النساء المجاهدة في سبيل صحتها، لقينا في قوسه امرأة زمنة مغادرة، قالت لنا: “هيا ادخلن لم يبق عندها إلا واحدة”. شكرناها على رغبتها في مساعدتنا، قالت (قناعة): “آه شكرًا، لقد جئنا في الموعد المناسب” ، ورغم كلماتها المشرقة إلا اننا رمينا بالحيرة، كيف لنا أن ندخل دارًا دون استئذان أهلها؟
قررنا أن تضرب واحدة منا الجرس، وعندما رن جرس البيت معلنًا حضورنا خرجت علينا الخادمة ذات بشرة متشربة سمرة وجسم مثالي، دعتنا للدخول وتقدمتنا، فكت شفرتها بتعليمها الذاتي للهجتنا، كانت ترتدي روبًا حريرًا زاهد الثمن.. قماشه تحسس ما طاله من جلدها واحتضنها، كفت من اسباله بعدة طيات أولجتها في سروالها الداخلي وثبتها به كأنه مشبك، لفت رأسها بطرخة سوداء كالعصابة وفي جانبها الأيمن غرست جوالها بحيث يكون لاقطًا للشبكة في أي مكان يصادفها فيه، وتكون هي متصلة مع كل اتصال صادر.
دلفنا إلى غرفة القراءة برفقتها، حيننا من كان بها بتحية الإسلام، ابتسمت لنا امرأة ملتفة في ثوب “زم”، ودعتنا للجلوس على السرير المقابل، ريثما تنتهي من معالجة المرأة التي كانت تشتكي من بثور انشقت، وكونت بثورًا جديدة على وجهها. طلت عليها كمية من الكريم الطبيعي المصنوع اجتهادًا منها ومحاولة لتجنيب السيدة الألم.
تمعننا فيهما، فهمست (قناعة) في مسمعي: أبشركِ نحن في قسم الجلدية ولم نخرج من المشفى بعد!