بقلم : احمد حسين الاعجم
الصريحي..
( أيقونة) كرة القدم بالمحلة.
كان اذا راوغ
كعازف قانون يتحرك بين اللاعبين كما تتحرك الاصابع بين الاوتار
واذا ارتقى ( ورغم قصر قامته )ظننا ان الهواء يحمله ليتجاوز به كل الرؤوس ليلتقط الكرة من فوق الجميع الى الهدف
حيث كانت ضرباته الراسية بنفس دقة تسديداته بالقدم
واذا سدد
فمهندسا يقيس المسافات بدقة ويصيب الهدف بقوة
واذا سجل ركض ضاحكا وهو يحرك يديه الاثنتين على شكل امواج
يدفع الهواء بقوة سحرية باتجاه الافق حتى يوقفه الزملاء ويرفعونه عاليا
كان كتلة مواهب
مراوغ
وصانع لعب وهداف ومتخصص ضربات حرة
وضارب راس
( يحي علي ناصر صريحي )
عرفته كزميل في ثانية ابتدائي عام ١٣٩٢ هجرية كان هو ومجموعة معه اكبر منا سنا في الفصل
لكن الملاحظة الاولى التي لفتت نظري اليه انه مع بداية حصة البدنية ينطلق فورا الى مدرس البدنية لاخذ الكرة وتنظيمنا في صف طابور والمشي الى الملعب اللي كان عبارة عن ( قايم )
ارض حصوية بجانب المدرسة
كنا نحن الصغار نفرح بحصة البدنية للخروج خارج المدرسة فقط
وكنا نندهش ونضحك ونحن نشاهده وهو يداعب الكرة بشكل لا نجيده
حيث كان هو ومجموعة معه يلعبون بحماس ويسجلون اهداف ويعلقون على بعض بعد نهاية الحصة
واحنا مجرد تكملة عدد واشبه بمتفرجين !
يقول الصريحي :
لم يكن في ذلك الزمن تلفزيون فقط نتابع الاذاعة
ومنها عرفنا الاهلي كبطل وشجعناه
ولكن كان بجانب القرية شركة بن لادن ولهم ملعب يتمرنون فيه ليليا وكنت ومعي مجموعة من الاصدقاء نذهب ليليا لمشاهدة تمرين موظفي بن لادن اللذين كانوا من عدة جنسيات المان وايطاليين وسودانيين
وكان اقصى احلامنا ان تخرج الكرة الى خارج الملعب لنتمكن من شوتها لاعادتها للاعبي الشركة
هذا الكلام منذ عام ١٣٩٠ للهجرة تقريبا يعني قبل الالتحاق بالمدرسة
وكان اشهر لاعبي الشركة الالماني (قريف) والشقيقان السودانيان الياس و يوسف
يقول الصريحي : كنا نندهش من طريقة مراواغاتهم وتمريراتهم وتسجيلهم للاهداف
وكان الياس يلعب دبل كيك بكثرة واعجبتني الحركة جدا
فاروّح البيت احاول اقلده
تدقدقت وانا احاول وكان اسمع صراخ والدي ووالدتي مع كل طيحة على ظهري : دقدقت روحك هذا مهو لعب
لكني اجدتها في النهاية
واذكر اني كنت العب لوحدي بكورة صغيرة طوال اليوم
وبعد فترة ومن خلال بعض السعوديين الموظفين في الشركة مثل عيسى حقاوي من ابو القعايد وعلي عبده مشبري رحمه الله من ام القضب وعبدالله صلام رحمه الله من المحلة ومن خلال الشقيقين السودانيين ( الياس ) و( يوسف )
دخل الصريحي واصدقاؤه للتمرين معهم
كان الصريحي واصدقاؤه صغارا بالنسبة للاعبي الشركة
لكن ( الياس السوداني )بالذات
بدأ يهتم بهم ويعلمهم ويقدم لهم نصايح جميله افادتهم كثيرا في تطوير مهاراتهم ولازال الصريحي يذكر فضله حتى الان
بقي الصريحي يلعب مع فريق الشركة حتى تكاثر محبي الكرة من شباب القرية
وبدأوا يتجمعون ويلعبون مع بعض في جنوب القرية
حيث خططوا ملعبا خاصا
هدا الكلام عام ١٣٩١ تقريبا
ثم انتقلوا الى شمال القرية بعد ذلك في ( الملعب الكبير ) كما كان يسمى
( مكان المركز الصحي والمدرسة المتوسطة بنين اليوم ) انتقلوا عام ١٣٩٤ تقريبا
ومن هناك انطلقت شهرة الصريحي بعد ان اظهر تميزا كبيرا
وبعد ان اصبحت تقام مباريات مع القرى المجاورة
وخاصة ابو القعايد
يقول الصريحي : قامت علاقات قوية مع شباب ابو القعايد بقيادة نجومهم المميزين انذاك
عيسى حقاوي واحمد طفيان وموسى خليل
وناصر قشاشي
حيث كان يلعب فريق المحلة مطعما بلاعبين من ابو القعايد
ويلعب فريق ابو القعايد مطعما بلاعبين من المحلة
وتقام مباريات مع القرى الاخرى العالية الظبية بيش
اعوام ٩٥ ١٣ و٩٦ ١٣ للهجرة
واصبح الصريحي نجما مشهورا على مستوى المخلاف
في عام ٩٦ تخرج الصريحي من الابتدائية
وعام ١٣٩٧ سافر الى الرياض زيارة لاقارب له هناك وكان من اجمل الاحداث في تلك الزيارة انه حضر مباراة نهائي كاس الملك عام ١٣٩٧ بين الاهلي والهلال التي فاز بها الاهلي فازداد حبا للاهلي واصبح احمد الصغير نجمه الاول حتى انه لا يلبس الا رقم ٩
تقليدا له
لكن الحنين للاهل وللقرية وللكورة اعاده سريعا رغم اغراءات الشباب له بالبحث له عن وظيفة
وعاد لممارسة معشوقته
حيث بدأت قرى اخرى غير ابو القعايد تطلبه للعب معها في بعض المباريات
فلعب في العالية دورات نال فيها مكافآت مادية لاول مرة
يقول الصريحي :
كنت اجمع المكافآت حتى جمّعت مبلغ كويس واعطيت الوالد فزوّد عليه واشترى لنا بقرة منتوج
وهذه من الذكريات التي لا انساها ابدا
ومن الذكريات التي يحكيها رفيق درب الصريحي والحارس الاول في تاريخ المحلة ( الكابتن احمد عيسى نمازي )
عن تميز الصريحي
انه في احدى المباريات تشكل فريق من المحلة وابو القعايد ضد فريق من بيش
فحارس الفريق الخصم اعلن تحديا على الصريحي قبل المباراة وقال : اذا سجل عليّه الصريحي والله اطلع وما اكمّل المباراة
يقول الكابتن احمد عيسى :
وبعد نصف ساعة من المباراة التقط الصريحي كرة من منتصف الملعب وراوغ حتى وصل المرمى وسجل الهدف الاول
وخرج الحارس فورا من الملعب ولبس ملابسه وغادر لأنه خسر التحدي !
واستمر الصريحي في القرية حتى عام ١٤٠١
حيث عاد الى الرياض
وتوظف في البنك الفرنسي
حيث الدوام على فترتين صباحية ومسائية
لكنه بقي يمارس عشقه ايام الاجازة
وايضا ظهر كلاعب مميز على مستوى دورات المؤسسات التي مثل فيها البنك الفرنسي
ومن ذكرياته هنا انه حصل بعد احدى الدورات على مبلغ عشرة الاف ريال من البنك
يقول الصريحي : مبلغ كبير انذاك
ارسلت نصفه لاسرتي في القرية
ودلعت نفسي بالباقي
واكثر دلع كنت امارسه شراء ملابس رياضية وجزم
ثم سجل في نادي الشباب
هو واللاعب الشهير صالح معدي من صبيا
واستمر صالح معدي
بينما دوام البنك اعاق الصريحي عن الانتظام مع نادي الشباب
يقول الصريحي :
كان راتبي ممتازا في البنك
بينما الكورة لا تؤكل عيش انذاك
ففضلت البنك
وبقيت العب دورات او مع
الاصدقاء اسبوعيا فقط
وهكذا بدأت مشاغل الوظيفة والحياة والالتزام بواجبه نحو اسرته والديه واخوانه تحتل الاولوية الاولى وتراجعت كرة القدم للمركز الثاني في حياة الصريحي
حيث بقي في الرياض الى عام ١٤١٥ وعاد الى القرية بشكل نهائي
حيث التحق بوظيفة في محكمة بيش حتى تقاعد،
هذا الرجل لازال اسمه محفورا في ذاكرة الاجيال من ابناء المحلة
وفي ذاكرة من عاصروه من نجوم كرة القدم في القرى الاخرى .