الروح/ صفية باسودان – جازان
تفرق جمع إصلاح ذات البين، ولاحظت (أم قناعة) فضول أخيها المشدوه إلى فعلها الذي برق فيه لسانها كحد السيف، جذبته إلى الكنبة وأجلسته جوارها، ملقية نظراتها عليه، شخص لم تألفه عيناها منذ أن تزوجت فتاة صغيرة دون الثالثة عشرة من عمرها، اعتذرت منه، وبررت له أن الانتقام أخذها دون أن يدع لها مجالًا كي تطلعه على ما نوت فعله حيث وجدت فيه ما يشفي غليلها بعد أن جربت الطرق الممكنة كلها، ولكن دون جدوى فلا تحذيرات نفعت ولا نصح فاد.
سرعان ما وجد نفسه يكلمها باستهجان: “انتقاااام! لقد خربتِ عشه، كسرت بيضه وأطرت عصفورته التي ستفضل أن تأوي إلى قفص على أن تعود إليه مرة أخرى”. سكوتها عاونه على الفضفضة الفجة، كلمة بعد أخرى، مبتدئًا بصفاتها “هذه أنتِ لم تتغيري صعبة المراس، لا كبير لكِ ولا تأبهِ برأي أحد، ما الخطأ الذي أرتكبه؟ كان رجلًا لطيفًا يتعامل بكل أدب وأحترام، جاء يطلب يد ابنتكِ على سنة الله ورسوله، فلماذا قلت لزوجته إنه خطبك، ثم تشاجرتِ معها وأوشكتِ على ضربها كأنكِ كنغر ومن ثم أوحيتِ للمحيطات بكما انها وزوجها حضرا ليخطباكِ لرجل اخر!؟”
ردت عليه:
– وأنت كنت معي في قمة تركيزك للدرجة التي عزلت عنك صوت ورؤية صاحبة هذا الوضيع الحقير.
– وضيع حقير.. قولي ماذا صنع وأنا سأوقفه عند حد أنفه.
– أنفه لا غضروف له فمن أين ستأتي بحده؟ عمومًا.. اطمئن فواجب درس اليوم سيلزمه بحل ما حلته حدود قدميه.
وقف أخوها أمامها، ارتفع صوته وهو يقول في نبرات سخط:
– لست أطرش وأن كنتِ جعلتِ الحضور ينظروا إليّ على انني كذلك، لا تنسي انني شاهد عيان على الزفة.
كانت تنصت إليه ولم تنكر عليه ما تسمعه منه، و(قناعة) تضرب باب غرفتها بعنف خبط ورفس وهي تصرخ لوالدتها: “أمي أفتحي لي الباب”.
قال لها في نبرات ساخرة ضاحكة: افتحي لعروسكِ فيدها المخطوبة أن استمرت على الدق ستتأخر على العريس وستؤلمها.
نهضت واستطرقت إلى الباب على هدى تفاصيل معرفتها ببناء بيتها، مبتعدة عن أخيها ووجهها موجه إليه، وأصغر من أصغرانها فطن له، فقالت: “انتبه، لن تكرر غلطتي مع ابنتي، أنا أتحدث عما تطلقون عليه زواج، فأنا أحمل فكرة ممتازة عنه، إذ تعرضت له حين كنتُ صغيرة…..
بلغت الباب وفتحته، وهو صفق باب منزلها وانساب كالجاموس إلى الشارع.