الروح/ صفية باسودان – جازان
إلا أن (قناعة) سألتها متعجلة في ندامة تتفق مع طبيعتها الحامية:
– كيف وهي تجلس بجانبي في نفس الصف؟
– أجلسي في مقعد بعيد عن مقعدها، فأمها لن تدعكِ وشأنكِ إذا أؤكد لها سعي زوجها خلفك.
موقف اليوم لم يذهب دون أن أعاد في مخيلة أمها أثرًا باقيًا، فتراجعت عن الحياكة، ووضعت أدواتها في علبتها وأغلقتها ضاغطة عليها بعصبية. كانت مفتوحة العينين من شدة ما شد عليها، ومضت داخلهما تشقى بلعنة العار البطيخي، كانت الستارة خير من يمثلها، فهواء المكيف دائمًا يتمادى عليها وينفضها بدرجات ضخ مختلفة حتى ترتفع قليلًا أو كثيرًا كاشفة عن جسد جدار لا يشعر، ومع هذا تصدر حافتها صوتًا أشبه بالصرير، فيذكرها بما كانت تبغض أن تتذكره، ليلة زفافها التي سحقت مشاعرها في طاحونة سادي لعين.
وقعت عينيها على ابنتها وتطلعت إلى وجهها البريء في رحمة مقرونة بالإعجاب. فعلى الرغم من انعدام احساسها بالزواج وتبلدها إلا أن وعييها مع ذريتها في حالة مثالية ومنذ أول يوم لم تظهر عليها أية أعراض عقلية أو بدنية تدعو للشفقة أو تطلب الاسترحام.
وفي هذا اليوم انتهى هذا كله بسبب خارجي وجرأة مسبقة. لقد توقفت عن المثالية وكأن طلب (المنصدم) الاقتران بابنتها يخاطبها مرة أخرى، أدركت ما سيجري لابنتها إذا تم له مراده، ستعيش كما عاشت، ستكون مثلما كان الحال معها، وفي لحظة ضعف أتاحت للذعر تمرير سرها، ولأنه كان بارعًا في اختصاصه فقد صرحت لابنتها سريعًا: “بالمناسبة، لم يكن في زواجي أية سعادة، بل كان خوفًا خالصًا رغم انني كنت أملك الشجاعة وقررت الرفض لكنه حاصرني كالموت من كل جانب، بدأ من لمعة عينيه ولم ينتظر حتى يكمل عضه على شفتيه وحكه ل……، جذبني بلا رحمة، وانتزع من نفسي نفسها، كنت أشعر بروحي تبتعد عن جسمي ليشرع هو وأنا انهار. جربت الطرق الممكنة.. حاولت منعه لكن دون جدوى فعقليات بعض الرجال تدور حول عوراتها ومقولات تشجيعية: “لا تأبه بها ستعتاد.. ستعجبها اللعبة.. ستطلبها.. ومن ثم ستلعبها بمفردها”. كنت أسيرة حجرة كالجحر يقطنها وحش فكلما جاع افترسني، وبعد سنوات من الشبع المؤقت خرج أبنائي.. أنتم على ظهر الدنيا”.