(مُكافأة نهاية الخدمة) الجزء(٨)
قصة قصيرة
بقلم / أحلام أحمد بكري
مدينة/ جازان
……..
هل دخلت فصل أولى (ب) أم غرفة تبديل الملابس..؟!
الفصل يخلو من الطلبة ويعج بأغراضهم ، ثوبٌ مرمي على طاولة أصيل ، و الآخر على حقيبة تركي وحذاء حمد كالمعتاد على طاولته مشرعةً أمامي بالصف الأول في المنتصف حيث أقف أمام سبورة الفصل ، بينما سعود يحب أن يُفرغ حقيبته بالكامل على طاولته القابعة آخر الصف وبقية الأغراض رماها على الأرض ، عُلب الألوان بأقلامها متناثرة في محيط الفصل ، قناني المياه المفتوحة أغرقت الأرض ، صناديق الطعام متناثرة هُنا وهناك..
.
(الفوضى) انزوت خجلى منّي كأنها طفلٌ يتلعثم بالحديث ، ماذا يقول وماذا يبرر لي عن عبثيّة الأطفال..
.
هذا حال الفصل عند خروج الطلبة لحصة البدنيّة ، وعليّ انتظار وصولهم..
.
فُتح الباب بقوة من قبل عيسى واضعاً ثوبهُ على كتفه الأيمن ويلبس الأسود والأصفر المخطط طقم نادي الإتحاد والعرق يتصبب منه تعلوه ابتسامه مجهدة ، قال مبتهجاً : سجلتُ يا أستاذة هدفين..
قلتُ له : مبروك يابطل..
تسلل من تحتِ يديه سلطان وهو فاتحاً إحدى يديه ويشير بأصبعه السبابة باليد الأخرى بشكل دائري ويقول لي : أستاذة -خلطناهم-..
.
من ملابسه الرياضية فهمتُ أنه يقصد بحركته تقليد لاعب المنتخب ونادي الهلال سالم الدوسري ، اندفع بقية الطلبة مجموعات بالدخول بصخب ؛ على شاكلة الدخول للملعب وليس الفصل ..
صرختُ عليهم بقوة قائلة :هيا لنرتب الفصل قبل الدرس ، في أثناء حديثي معهم خرجتُ لاحضار سلّة المهملات الكبيرة الواقعة في ممر الفصل ، فإذا بريان الذي يلبس الأخضر والأبيض طقم النادي الأهلي يجري مسرعاً من أول الممر ليصل للمنتصف ويجثو على ركبتيه زاحفاً بقية الممر رافعاً يديه صارخاً انتصرنا ، حتى وصل لباب الفصل ونهض منتشياً بهذه الحركة..
.
قُلتُ : لا حول ولا قوة الا بالله..
لن ننتهي بعد من تأثير حصة البدنيّة..
.
كُنتُ قد رتبتُ الحصة على تدريب كتابة بعض الحروف التي تعلمناها من خلال ورقة عمل لكل طالب ، أقيس من خلالها مهارة الامساك بالقلم واتقان كتابة الحروف ، ولكن بعد حصة البدنيّة لن تكون الجديّة حاضرة لفعل ذلك ، لذا لمع في خاطري اكمال حيويتهم بتكرار وحفظ نشيد الوحدة الجديدة (مدرستي)..
.
قرأتُ لهم النشيد من كتاب لغتي ثلاث مراتٍ وهم ينشدون خلفي ، ثم وضعتُ مكبرات الصوت في جهاز الحاسب وفتحتُ النشيد ليُعرض لهم على السبورة وقلتُ لهم هيا نُنشد النشيد ونكرره ونحفظه..
.
بدأنا نردد معاً ونكرر النشيد كلما انتهى ، وجدتُ الانسجام الكامل للطلبة خلال الحصة ، ذلك يقف ويتمايل مع النشيد مترنماً والآخر يهزُ رأسه يُنشد بصوت منخفض وذاك يشير بيديه مُمثلاً للمعنى ومحمد يُنشد صارخاً بكل صوته ولا يفعل ذلك إلا وهو واقفاً على الكرسي ضارباً لي تحية السلام وكلما أشرتُ له بالجلوس ، يجلس ويعاود الوقوف بشكل مستقيم وبشكل جاد كأننا في صف الطابور العسكري ،
بينما حمزة كالمعتاد عندما يأخذه الحماس يترك مقعده ويتجه نحوي منشداً..
.
خُيّل لي لبُرهة من الزمن كأنني قائد أوركسترا مثل (فان بيتهوفن ، موزارت ، مندلسون ، جوستاف ، عُمر خيرت ، ياني)
أُحرك يدي الاثنتين حاملةً عصا في يدي اليسرى لأعُطي الأوامر ، ممسكةً بزمام النوتة الموسيقية وأُدير فرقة من أربعين -عازفاً- عفواً أربعين طالباً..
………….
يُتبع