محمد الرياني
ولنا في كلِّ عيدٍ ابتسامة، وفي كلِّ محفلٍ حظ ، ومع كلِّ مناسبةٍ نتبادلُ الغزَل، أشعرُ بالضيقِ عندما أراها عابسة، أفعلُ كلَّ شيءٍ من أجلِها، من أجلِ أن تأتيَ الفرحةُ وعيونُها تغرقُ من هيمنةِ الضحك ؛ بل تكادُ تضحكُ معها كلُّ الدنيا ، أمزحُ عليها أحيانًا إذا حضرَ الحفلُ ولم تعجبْني تعابيرُ وجهِها، أهددُها بأنني سأكسرُ الأطباقَ الفاخرةَ في المطبخِ قبلَ الاحتفالِ ثمَّ أرتاحُ لأشربَ العصير ، تتداركُ بقولها : لن تجدَ عصيرًا تشربه، أو مكعباتِ ثلجٍ لترويَ بها غضبك ، لم تكتفِ بهذا الاستفزاز ، يعبسُ وجهُها وتعضُّ شفتيها كي لاتَبرُزَ ضحكتُها، أفاجئُها بأنني لا أريدُ عصيرًا، هناك من سبقكِ في الخارجِ وأسقاني من جنانِه أشهى مشروب ، جعلتُ كسرَ الأطباقِ الجديدةِ عذرًا كي أستفزَّها وأخرجَ ضحكاتِها قبل أن يحينَ موعدُ الاحتفال، أقبلتْ مسرعةً وهي تضحكُ ملءَ فمها، تقفُ حاجزًا بيني وبينَ الأطباقِ البيضاء ، قلتُ لها وأنا في غايةِ الابتهاج : اليومَ هو يومُ عيدك ، هل نسيت؟ تراجعتْ للخلفِ حتى كادت أن تُسقطَ الأطباقَ على الأرض، اقتربتْ مني، ضمَّتْني حتى كاد قلبي أن يتوقفَ من فرحتِه، قالت لي أعدك بأن نحافظَ على الأطباقِ كي نطعمَ لحنَ الحياةِ سويَّا من رشفاتِ الأطباقِ الساخنةِ أو الكؤوسِ الباردة ، وأن يبقى قلبي وقلبُكَ شيئًا واحدًا في مكانين مختلفين، تركتُها تُرتبُ للحفلةِ وطلبتُ منها أن تحضرَ عصيري المفضل، هزأتْ بي لدرجةِ أنها سكبتْ بعضَ العصيرِ على الأرضِ بدلًا عن الكوب، قالت وهي تمزح : اذهبْ إلى التي سقتْكَ قبلي، كانتْ تثقُ بي كثيرًا، اقتربتْ مني أكثر، وضعتْ في فمي أنبوبَ العصيرِ وأنا أضحكُ وهي تضحكُ معي، سقطَ الكأس على الأرضِ ولازلنا نضحكُ وسلِمَ الكوب، شعورُها نحوي لم ينكسر، وأنا كذلك!