د . ضيف الله مهدي
يحقق منهج الإسلام الصحة النفسية في بناء شخصية المسلم بتنمية هذه الصفات الأساسية وهي :
1ـ قوة الصلة بالله : وهي أمر أساسي في بناء المسلم في المراحل الأولى من عمره حتى تكون حياته خالية من القلق والاضطرابات النفسية .. وتتم تقوية الصلة بالله بتنفيذ ما جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس فقال : ( يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلاّ بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلاّ بشيء قد كتبه عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . وفي رواية غير الترمذي ( احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخّاء يعرفك في الشدّة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأنّ الفرج مع الكرب ، وأنّ مع العسر يسرا ).
2ـ الثبات والتوازن الانفعالي : الإيمان بالله يشيع في القلب الطمأنينة والثبات والاتزان ويقي المسلم من عوامل القلق والخوف والاضطراب . قال تعالى : ( يُثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) . قال تعالى : ( فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . وقال تعالى : ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ).
3ـ الصبر عند الشدائد : يُربي الإسلام في المؤمن روح الصبر عند البلاء عندما يتذكر قوله تعالى : (( والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ). وقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلاّ للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ).
4ـ المرونة في مواجهة الواقع : وهي من أهم ما يحصن الإنسان من القلق أو الاضطراب حين يتدبر قوله تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبُّوا شيئا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ).
5ـ التفاؤل وعدم اليأس : فالمؤمن متفائل دائما لا يتطرق اليأس إلى نفسه فقد قال تعالى : ( ولا تيأسوا من رّوح الله إنّه لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون ). ويطمئن الله المؤمنين بأنه معهم ، إذا سألوه فإنه قريب منهم ويجيبهم إذا دعوه . قال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الدّاع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) وهذه قمة الأمن النفسي للإنسان .
6ـ توافق المسلم مع نفسه : حيث انفرد الإسلام بأن جعل سن التكليف هو سن البلوغ للمسلم وهذه السن تأتي في الغالب مبكرة عن سن الرشد الاجتماعي الذي تقرره النظم الوضعية ، وبذلك يبدأ المسلم حياته العملية وهو يحمل رصيدا مناسبا من الأسس النفسية السليمة التي تمكنه من التحكم والسيطرة على نزعاته وغرائزه ، وتمنحه درجة عالية من الرضا عن نفسه بفضل الإيمان بالله والتربية الدينية الصحيحة التي توقظ ضميره وتقوي صلته بالله .
7ـ توافق المسلم مع الآخرين : الحياة بين المسلمين حياة تعاون على البر والتقوى ، والتسامح هو الطريق الذي يزيد المودة بينهم ويبعد البغضاء ، وكظم الغيظ والعفو عن الناس دليل على تقوى الله وقوة التوازن النفسي . قال تعالى : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم () وما يُلقاها إلاّ الذين صبروا وما يُلقاها إلاّ ذو حظ عظيم ).
أتمنى أن تعم الفائدة ويستفيد الجميع .