مقالات مجد الوطن

زنانة بزمن الستين!!

الروح/ صفية باسودان

يوم إن خرج قلبها الصابر من المعتقل وعليه أثار جراحات المشوار الطويل وبين طياتها خطوط وتجاعيد للزمن الفائت، والتي قطعته أرجل عمرها الدامي بأشواك الأيام الموحشة وسهد لياليها.
في تلك اللحظة تمامًا أصبح فؤادها النابض قطعة من الجماد لا يحب ولا يكره، قاطعت العائلة بكل أفرادها وفضلت الخلوة الكئيبة لكن الأمر لم يدم طويلًا وتحول إلى صدمة بل كارثة على المجتمع وكل الذي استطاعت القيام به هو التعرف على إحدى الشخصيات النرجسية الذي بنى لها عيادة بائسة على الورق ومن خلال ما سمع من هنا وهناك صنف فيها أنماط البشر وعليها صرف لهم النصائح والاستشارات إلى الحد الأقصى الذي تسمح به حالتها النفسية!
في كل يوم يجتمعان عبر الأثير يتحدثان ويؤيدان بعضهما البعض حتى لو كان موضوع اليوم السابق يناقضه وينقضه موضوع اليوم الحالي، وهما في قمة انبساطهما يسحبان أنفاس عميقة من أحبال نارجيلتهما، ويخرجها مع استنشاق روائح المعسل الشديدة.
وعقب فترة قرر أن يحقق لها الشهرة وأصبحت تلك العيادة عيادة متنقلة.. أيضًا عبر الأثير.. اعتلت منابر الميديا بذات الفكر والورق إلى أن جاء اليوم الذي حاولت فيه أن تلغي تلك الاجتماعات، فسألها: ما الذي حدث؟؟ وكانت أجابتها حاضرة وكأنما كانت تتوقع السؤال وتنتظره:
ـ هل هناك حب في زمن الستين؟
ـ كيف زمن الستين؟! هل هذا الزمن اكتشفوه حديثًا وما شأن الحب به؟
ـ لا أخفيك سرًا.. بصراحة لقد مال قلبي.
ـ وماذا في هذا؟
ـ تحرك باتجاه الشخص المشهور اللامع ولم أعد أستطيع توفير وقت للتواصل معك، فطيلة يومي أقضيه معه.. فأنا أهاتفه وارساله و….
رد عليها:
ـ هل جننتِ؟ أم أنتِ من النوع الذي يكذب الكذبة ويصدقها؟
ـ أنا أسأل.. هل هناك حب؟
ـ هذا ابتلاء الله يشفيك
ـ لا بل هو نعمة من الله تعالى
ـ هذا وهم.. هو لا يعلم عنك.. حب من طرف واحد.. المهم هل أتوقف عن كتابة المواضيع لكِ؟
ـ لا.. لم أقل هذا بل العكس استمر وأستفيض.
ـ تمام.. إذن الموضوع القادم عن مرض حب المشاهير.
ـ مرض!
ـ مرض يا مريضة.. بعد نصف سأرسله لك.. اذهبي الآن وأكملي محادثتك مع حبيب القلب.
بعد ثلاث وثلاثين دقيقة لم تسمع نغمة الواتساب.. بعد ساعة لم يصلها المقال بعد ساعتين اتصلت وجدت جواله مغلقا.. حاولت وحاولت.. كررت الاتصالات يوما بعد يوم ما بين مغلق ولا يجيب.. قررت أن تبحث عنه في الأماكن يرتادها وبعد مدة ليست بطويلة وجدت أن الأخطاء التي وصمت بها والتعديلات التي أجريت عليها قد كتبت نصوصًا مذيلة باسمه، فهمت أنها كانت قنطرة عبور لنجاحه.. عزمت أن تعتمد على نفسها ولم تكتب نصا بعد الآن!
وبعد اختفائها علقت إحداهن:
بعد فترة عقوبة قضتها في النزانة على خطأ طبي اقترفته خرجت للعالم الفسيح لتبدأ حياتها من جديد، لكن قلبها أحب من لا يحبه فركض خلفه وكان الجري المحموم على أشده رسائل واتصالات وتعليقات واعجابات، كان قلبها يعمل عمل دؤوب مثل الطاحونة الهوائية مرة يضخ طاقة ومرة يضخ مياها.. لا يتوقف بل زاد شراسة وهي تكاثرت ليونة ونعومة ولطافة!
فكلما زاد المشهور لمعانًا من ذي قبل طار منها لبها، وعاد إليها ـ لبها ـ في الغد كي يعمل ويشقى بناره المتلظية إلى أن انطفأت بعد أن أكلت نفسها المحترقة!

بمشيئة الله تعالى في الغد ما يتبعه ……….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى