مقالات مجد الوطن

(صرخةُ كمّامة)

 

…………………

مُسترخيّة بكل وداعةٍ ، بمعزل ومأمن عن العالم الخارجي ، دافئة في صندوقي الورقي..

إلى أن جاء اليوم الكارثي في حياتي ، أربعٌ وعشرون ساعةً ، حدث لي ما لم يخطر ببالي ..

.

فُتِح صندوقي الورقيّ وتم انتزاعي بشكل خاطف ، حيث تعلقتُ بين أصابع خاطفي وأنا أصرخ بهلع ، إلى أين سوف أذهب بهذه السرعة ..؟!

ولماذا كل هذا العُنف..؟!

.

وفي غضون ثواني أجدني ممدةً بقوةٍ ملتصقةً بأنفِ وفمِ خاطفي ، وبكل أسى معلقة بين أُذنيه ؛ تلفحني حرارة الأنفاس ، و تصفعني كلماته القوية المتطايرة من فمه ؛ لتصُمَّ أذني ..

.

وعندما يحتدم الأمر يسحبني بقوة ليحشُرني بين دقنه وعنقه ويتركني في مأزق ، أُصارع الضغط والعرق ..

.

وحين يسترخي خاطفي يُعلّقني بأذن واحدةٍ ، يُطيّرُني الهواء مع كل لفتةٍ منهُ ؛ حتى أكاد أقع ، ثم أعود للتشبث بخده..

.

وأظل مايقارب الثماني ساعاتٍ على أوضاعي المتقلبة معهُ في انتظار الفرج ، وبلحظةٍ غير متوقعةٍ ؛ حُسم أمري مع خاطفي بعد أن فتحَ زُجاج سيارته و انتزعني بقوة ورماني قبل وصوله لمنزلهِ ، لاصطدم بمقدمة سيارة أخرى وأسقط ؛ لأجدني بمعركة أُصارع الموت مع ايطار عجلة سيارة أخرى تسحقني بالطريق المُلتهب وتُلقي بي على قارعة الطريق..

.

وما أن استقر بي الحال على حافة رصيف ممزقةً لاهثةً أصارع أنفاسي مما حدث لي ، سمعتُ خطوات أقدام قادمة نحوي ..!

وما إن ألتفتُ ، إذ بعصا مكنسةٍ تنقض عليّ وتضغط ؛ لتسحبني إلى جارفة القاذورات وترمي بي في سلّة المهملات ، أيقنت بعد هذه الحركة المباغتة ، أنه رجل النظافة فتنهدتُ..

.

مكثتُ فترة طويلة حتى شارف يومي على الانتهاء وأنا مُتهالكة مُمدة في سلّة المهملات ، ويدور في خاطري النهاية المحتومة ، ولاشيء غيرها ، وا أسفي وا أسفي ..!

.

نهايتي إمّا لمصنع إعادة التدوير لتكرار معاناتي وخوض تجربة مريرة مرة أخرى ، أو لطريق المحرقة للفناء النهائي ، وتحويلي لذراتٍ من الرماد يتلاشى مع الهواء ، بعدها صرخةُ صرخةً قويّة ، يا ويلي يا ويلي يا ويلي..!

…………………………

الكاتبة:أحلام أحمد بكري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى