مقالات مجد الوطن

الحاج بريك.. ذاكرة إضافية تستعصي على النسيان

 

ليس مستغرباً أن يحضر اسم «الحاج بريك» في كل مناطق المملكة بالصيت الباذخ، ويتعامل معه السامع بألفةٍ وحميمية. وليس مستكثراً أن يُحمد له الذكر الحسن، الذي اعتنى برفعه في حياته، فلم يهضمه حقه بعد مماته، والذكر للإنسان عمرٌ ثانٍ، خصوصاً إذا كان صاحبه عالي همّة، ومُنجزُ مهمة

فقدت جازان والوطن في رمضان الماضي قامةً وقيمة، وتجللت روابيها وجبالها بلون داكن؛ لرحيل المربّي محمد بن أحمد سالم بريك الشهير بالحاج بريك، النموذج الإنساني، الحاضر في مجالس النخبة، وغير المتغيّب عن تطبيب مواجع البسطاء، وبقدر ما في حياته من تنوّع العطاء، ورحابة السخاء، بقدر ما كان الثراء سمةً وبصمة في كل عمل أنجزه أو تولاه.

اشتغل الفقيد على تعليم نفسه، وتثقيفها، فكان سابقاً بوعيه، وعندما أتقن العلوم علّم فكان من صفوة المعلمين، وخيرة الموجهين، وتولى في إدارة التعليم مناصب قيادية، ولأن النجاح يقود لنجاحات، تم اختياره رئيساً لبلدية جازان، فوظف خبراته وعلاقاته في خدمة درة الفن ومحارة القصيدة، وسفينة الألحان، وحظيت المدينة والمحافظات بنصيب وافر من التنمية، ولقربه من فضاء الشباب تبنى تأسيس جمعية الكشافة السعودية في جازان، وحصد وكشافوه الشارات، ومنها التفت للمواهب وحاجتها إلى جمعية، فكانت جمعية الثقافة والفنون، وتولى إدارتها، وسلم الزمام لمن بعده، وأدار فرع وزارة التجارة، وعمل عضواً في مجلس المنطقة ثم تفرغ لقطاع الأعمال الخيرية، وهو الخبير بالأوضاع والظروف، فضمّد جراحاً، وواسى مكلومين، وحفّز همم أولاده وطلابه ليكونوا عوناً له.
هذه المسيرة الحافلة بالعطاء لما يزيد على 60 عاماً لم تأتِ إلا من نفس مشبعة بحب الخير للغير، ومن عقل ذي رأي سديد، ومشورة ناصحة، وكف معطاء لم تبخل على أهلها ومجتمعها لا بوقت ولا جهد ولا مال ولا شفاعة حسنة.
وقبيل العشر الأواخر من رمضان الماضي انتقل الحاج بريك إلى رحمة ربه، وخلّد بيننا ذاكرةً إضافية تستعصي على النسيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى