بقلم: ابرار الخرمي
تحمل بيدك بالتيه خشبي فكتوري الطراز عصيَّ الحس
برجوازي الألوان
عبثي النهج
تسرق به لُب جوفي
أرتدت
تِلك المُدن كثيراً منذ طفولتي وسِرت بها مُتباهيه بكنف والداي
مررت بتلك المقاهي الفارهه وأُخرى مُعتقه من تطارح السنين عليها
نُحت بها والدي أجمل الذكريات بِحرفيه بارعه
إلى أن طفقني طوفان الثلاثون
ظننت أني لم أعُد أكترث كثيراً لتلك المُدن
أنطفى وهج حماستي أتجاهُها
أعتدتُها
لن تعُد مُلفته لي
ولكن أدركت أني لم أكُن مُحصفه بما ظننت
(أنت )
أقتلعت جميع مفاهيمي غيرت معالم خرائطي
أنتشلت جميع مُعتقداتي
تنبلج منك تعاويذ خفيه تسير معك أينما حللت
تُذهلني تُرعبني من شدة سِحرها
كيف لي أن أرى تِلك المُدن بتلك البهجه
ومررنا معاً بتلك المقاهي
مهترئه كما هي تُصارع الزمن
يعمل بها بائع مُسن أنهش جلده عدو العمر
يداعب عمله الزهيد ماتبقى له من السنون
مودعاً فُتات لحظاته
ورجُل رصين اليهئه أعترى وجهه البياض يجلس في زاويه المقهى الدافئه
ليرسم كما كان في السابق
لطالما أجتاحُني إليه الفضول لأنتشل ضجيج خطواتي الصغيره على أطراف أصابعي وأتزاحف إليه بهدوء وأختلس النظر إلى رسماته الغامضه
وذاك الرجُل القزم بائع الحلوى لطالما هرعت إليه مُسرعه لأقف بجانبه لأنظر أيهما يفوق الآخر طولاً
ووالدي تتحانق عيناه من الضحك على حُمق فضولي
ولكن معك
يجترُني سرٌ خفي عميق
تُبعت خطواتك وتتبعت مواطئ قدميك
كمن يحمل بيديه ريشه فنان تُداعب بها ثنيات أصابعك ببراعه فارهه
تقتحمني بأفكارك الأستثنائيه وكلماتك الرنانه
فُتِحت لنا نوافد المدينه
تساقطت أوراق الأقحوان أمتزجت ببهاء مع كراسي المقاهي وطاولاتها
أنتشرت رائحه القهوه المُحمصه
أنبعج الفرح من تِلك المُدن
يتهدى على لسانها ألف ترحيب
أرخت سدولها علينا مستبشره بك
كما لو كنت سائح مُبجل وطئ أراضيها
أهدتك جُل سعادتها
تعالت أصوت أغاني أم كلثوم ومن مقهى آخرى أختارت أن تنبثق من أبوابها
صوت فيروز وعبدالوهاب وأنتشرت في الأرجاء تِلك الحِقبه الجميلة
تهاتفت أصوات الناس تعالت قهقهاتهم
وزمجره أطفالهم
كانت سماء المدينه واسعه الأفق
لم أرى تلك المُدن بذاك الجمال
شعرت وكأني أُختِلِست من غرابه بشريتي لأتصوف إليك
وأعتكف تحت كنف عرشك
صُعِقت
تملكتني ذروه أنفعالاتي
أحتنقت ملامحي دهشه
وأعتازني التفكير
ولم أنبس بينت كلمه جراء تلك المشاعر المُهيبه
أنهمر بداخلي كم هائل من التساؤلات
تزاحمت بجوفي لم يعُد يسعني تساؤل آخر
دب الصخب برإسي
أصابتني حُمى الشعور
أستفرغتُها خارج جسدتي
لأهداء قليلاً
وتهدن جوارحي
ووعيت تماماً
أن كُل ذالك التبجيل المُريب كان يقبع في داخلي
لك
وأيقنت أني هُلكت بك.