مقالات مجد الوطن

بين المنْح .. والسّلب !

 

بقلم : احمد حسين الاعجم -جازان

 

كل شيء يعيشه الانسان

أو يقرأه أو يسمعه أو يشاهده

يؤثر فيه ويمنحه أشياء

ويسلب منه أشياء

يمنحه أفكار ومعارف وعلوم وقناعات وعادات جديدة

ويسلب منه أفكار وقناعات وعادات وتقاليد ايضا

لكن معظم البشر يشعرون بما كسبوه ولا يشعرون بما تم سلبه منهم !

 

فالكتب والصحف والاذاعة والتلفزيون في بداياتها

منحت الانسان الكثير

وسلبت منه القليل

فمثلا جيلنا اكتسب الكثير من المعلومات الثقافية والوعي بالمحيط الكبير لنا من خلال الاذاعة والتلفزيون والكتب ( المنهجية وغير المنهجية ) والصحف

لكننا سُلِبنا دون ان نشعر

سلبنا على سبيل المثال العابنا الشعبية التي كانت تمنحنا المتعة والقوة البدنية والتجمع مع بعضنا وروح التنافس وزيادة الروابط بيننا فقد اهملناها وانشغلنا بغيرها !

واليوم

ومع وسائل الرفاهة ووسائل التقنية الحديثة عبر كل تطبيقاتها ومنصاتها وبما فيها من فوضى عارمة وتوجيه مقصود

اصبح كل ما يقرأه ويشاهده ويسمعه الانسان من خلالها

يسلب ولا يمنح

وان منح فإنه يمنح القليل غير المؤثر

مقابل الكثير المؤثر سلبا

فالتقنية سلبتنا على سبيل المثال

متعة الكتابة اليدوية

وتلقائية المشاعر

وأضعفت قدرتنا على الحفظ

مقابل انجاز الاعمال بسهولة

ولعل نتفلكس من اخطر الادوات التقنية في السّلب

فنتفلكس التي يراها البعض تمنحه المتعة

هي في الواقع تسلب منه الكثير من القيم الاخلاقية والافكار والقناعات

ولكنه يشعر بالمتعة القليلة جدا والتي تتمثل في ساعة او ساعتين من الفُرْجَة

ولا يشعر بما يموت داخله ويسلب منه تدريجيا من قيم وقناعات من خلال ما يشاهده ويسمعه عبرها

لكن المسلوب منه يظهر عليه حتما في افكاره واراءه وقناعاته ومواقفه دون أن يشعر

وما ينشر على مواقع التواصل من مقاطع وصور تفسّخ وعريّ ومصطلحات بذيئة وافكار واراء غريبة ليست وليدة الانفتاح كما يعتقد الكثيرون بكل أسف

بل هو نتيجة عملية السلب التدريجي منذ عقود من البث الفضائي وظهور الانترنت

فالانفتاح في السعودية عمره تقريبا خمس سنوات

فقط

بينما عملية السلب التدريجي عمرها عقود

والانفتاح اظهر فقط حجم السلب الذي حدث عبر تلك العقود !

ولذلك فتغيير القيم والقناعات التدريجي هو اكبر خطر يتعرض له الانسان من خلال وسائل التقنية

وخاصة الجيل الجديد

خاصة ووسائل التقنية تزداد قوة وشراسة وجرأة ووضوحا وتنظيما في عملية السّلب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى