مقالات مجد الوطن

الابتزاز العاطفي 

 

في حياة كل منا شخص يجعلنا نسعى إلى إرضائه بشتى الطرق، إما حبا له، أو لرغبتنا في الحفاظ على علاقتنا به، أو استجابة لضغوط يمارسها علينا لنفعل ما يريده…

 

قد يكون هذا الشخص زوجا، أو أما، أو أبنا، وقد تختلف أساليب الضغط، ولكنها تندرج جميعها تحت مسمى واحد هو «الابتزاز العاطفي».

 

يحدث الإبتزاز كما قلنا في العلاقات القريبة بين البشر .

 

و عند التعرض للابتزاز العاطفي “يصبح الشخص رهينة عاطفية للآخر ، فالأمر يحدث هكذا :

” إذا لم تفعل لي كذا، فأنت المسؤول عن ما يحدث لي “.

 

و هو موجود في النساء و الرجال ،و الأطفال , ولكن يغلب وجوده في النساء والأطفال والمراهقين , حيث أنه يمثل نوع من الضغط الناعم .

 

و المرأة على وجه الخصوص بارعة في استغلال دموعها ومظاهر ضعفها وانكسارها واحتياجها في عمليات الإبتزاز العاطفي .

 

ضحايا الإبتزاز العاطفي يلعبون دورا و يبدون تعاطفا مبالغا فيه تجاه من يبتزهم ويستجيبون لابتزازه , و لديهم قابلية للشعور بالذنب , ويلعبون دور المنقذ ودور البطل ودور الراعي بشكل مبالغ فيه , فيغرون المبتز بمواصلة سلوكه الإبتزازي .

 

لقد منحنا الله القلب والروح لنرعاهما، لا لنضيق عليهما أو نتركهما ضحية للاستنزاف …

 

ماهو الابتزاز العاطفي ؟

 

الإبتزاز العاطفي حيث يلجأ الطرف الآخر للضغط علي عواطفك لتحقيق أمور يريدها…

 

وإن صح التعبير نسميه الإبتزاز اللطيف لأنه يمارس غالبا من قبل المقربين …

 

هو شكل من أشكال الاستغلال العاطفي يكون بين شخصين تجمع بينهما علاقة شخصية قوية، أو علاقة حميمية .

 

إما الزوج لزوجته

أو الزوجة لزوجها

أو الطفل لأمه

أو الأم والابنة

أو بين الشقيقتين

أو بين الأصدقاء المقربين أو بين العاشقين

أو بين أرباب العمل والمسؤولين، فأصحاب العمل قد يستغلون الأشخاص الذين يعملون لديهم .

 

الأشخاص الذين يلجأون للابتزاز العاطفي هم من أقرب الأشخاص للضحية، ويعلمون أسرارها، ونقاط ضعفها، واحتياجها للحب، فيستغل المبتز هذا الوضع لينال مطالبه تحت ضغط الابتزاز وشعور الضحيه بالذنب.

 

و تكون الضحية في حاجة إلى الحب والتقدير من جانب من يبتزه .

 

الذين يمارسون الابتزاز العاطفي يدركون في قرارة أنفسهم أن ما يطلبونه ليس من حقهم ، لذا يلجأون الى الاحتيال لتحقيق أغراضهم …

ويزيد الإبتزاز العاطفي في المجتمعات العاطفية التي تتحكم المشاعر في سلوكيات أبنائها .

 

الشخص الذي يمارس الإبتزاز العاطفي يشعر بعدم الأمان ويخشى الهجر ،أو الحرمان العاطفي ، ممن حوله ولذلك يضعهم أو يضع أحدهم تحت ضغط الإحساس بالذنب والتقصير تجاهه .

 

حين تتعامل مع شخص يشعرك دائما بالذنب والتقصير في حقه ويجعلك تشعر أنك مذنب أو متهم وتحتاج دائما للدفاع عن نفسك أو تبرير سلوكك تجاهه فأنت تتعرض لنوع من الإبتزاز العاطفي .

 

كيفية التعامل مع الإساءة العاطفية والابتزاز ؟

 

بداية :

 

التعرف على الابتزاز العاطفي، والتعامل معه بوعي، والانتباه إليه وتسمية الأمور بمسمياتها، كخطوة أولى للنجاح في صده.

 

قبول جزء من المسؤولية في كل علاقة بين طرفين والتعامل بواقعية.

 

فرض حدود وخطوط لا يمكن تجاوزها، وهذا سيمكنك من الابتعاد عن أي علاقة غير صحية أو غير متوازنة.

 

افهم سبب وقوعك ضحية انظر ماذا يريد منك المستغل قبل أن تكون فريسة سهلة لسيطرته وابتزازه ؟

 

عليك التعرف على الابتزاز العاطفي، والتعامل معه بوعي، والانتباه إليه وتسمية الأمور بمسمياتها، كخطوة أولى للنجاح في صده.

 

قبول جزء من المسؤولية في كل علاقة بين طرفين والتعامل بواقعية.

 

فرض حدود وخطوط لا يمكن تجاوزها، وهذا سيمكنك من الابتعاد عن أي علاقة غير صحية أو غير متوازنة.

 

لا ننسى أن الابتزاز العاطفي يعبر عن حالة نفسية غير سوية لأن المبتزين يتكئون على الاحتيال لتحقيق أغراضهم وهو تصرف يتم عن وعي …

لذا ينبغي أن يواجه بالحزم لكي يكف هؤلاء الاشخاص عن سلوكهم الإنتهازي غير السوي .

 

هل العلاج هنا يكون لمن يمارس الإبتزاز ؟

.. أم لضحية الإبتزاز ؟

 

.. الحقيقة يحتاج الإثنان لمعالج نفسي متمرس يساعدهما على وقف الإبتزاز ووقف الإستجابة له , ومساعدة الطرفين على النضوج النفسي الطبيعي .

 

فمن يمارس الإبتزاز تعلم منذ طفولته أنه يحصل على ما يريده بهذه الطرق الملتوية غير الناضجة , وتعود أن المحيطين به لا يحبونه إلا بشروط ومن خلال استراتيجيات معقدة , وبثمن أو مقابل , وقد تعزز لديه هذا السلوك في كل مرة كان يمارس فيها الإبتزاز ويحصل على فائدة , ولذلك يحتاج لتبصيره بما يحدث ووقف تعزيز سلوك الإبتزاز بعد الإستجابة له , وهذا لايعني إهمال الشخص أونبذه , ولكن إعطاء المشاعر بشكل راشد وناضج وليس تحت تأثير الإبتزاز , ومراعاة احتياجه للأمان والحب غير المشروط .

 

ينبغي على الأشخاص أن يميزوا بين من يستغلهم عاطفيا وبين من يتعامل معهم بتوازن ليتجنبوا بذلك التعرض لخيبات أمل عاطفية لأن المبتزين في الغالب لا تعنيهم الا المصالح .

 

و الابتزاز العاطفي الموجود عند الأطفال لا يعني أنهم محتالون لكنهم لا يمتلكون طرقا تعبيرية للاقناع سوى استثارة عواطف ذويهم لكنهم مع السنوات يكتسبون طرقا مختلفة في التعبير عن أنفسهم ويفترض بهم تجاوز الابتزاز العاطفي لكنه إذا ما استمر حتى مرحلة المراهقة والمراهقة المتأخر ة فقد يصبح هو أسلوب تعامل الشخص مع كل من حوله

 

كثير من الإعلانات تمارس هذا النوع من اللعب على مشاعر الناس حيث يعرضون صورا لأطفال مرضى أو كبار سن عاجزين أو مرضى مزمنين لاستدرار عطف الناس ودفعهم للتبرعات السخية .

 

والمتسولون في الشوارع يبتزون الناس عاطفيا حين يقفون لهم أمام المطاعم الفخمة والمحلات الراقية يسألونهم مالا أو يشيرون بأيديهم إلى أفواههم إشارة إلى حاجتهم للطعام , فيضغطون على مشاعر الناس الذين أنفقوا لتوهم أموالا في المطعم أو المحل .

 

في النهاية كثير من العلاقات انتهت بسبب هذا الإبتزاز العاطفي حين يكتشف الضحية أنه تعرض لخداع كبير باسم الحب أو الصداقة أو القرابة أو الشفقة .

 

على الجانب الآخر يحتاج الضحية للتدريب على اكتشاف ورصد وسائل الإبتزاز العاطفي واستراتيجياته وأشكاله , وأن يفهم التركيبة النفسية للمبتز عاطفيا , وأن يتحكم في مشاعره فلا تستنزف أو تستدرج تحت تأثير مشاعر الذنب أو الخوف التي يزرعها فيه المبتز .

 

ندى فنري

أديبة/ صحفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى