الدكتور – عاصم بن محمد مدخلي
في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر تحل علينا ذكرى اليوم الوطني الثالث والتسعين وهي ذكرى غالية على قلوب الجميع، نستلهم من خلالها تضحيات عظيمة لمؤسس هذا الوطن الشامخ الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه-، ورجاله الأوفياء الذين ضربوا أصدق النماذج المشرفة لحب الوطن بوفائهم وتضحياتهم الراسخة في جبين التاريخ.
لقد تم توحيد القلوب في الوطن الواحد الذي يسع الجميع من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه تحت راية التوحيد، بميثاق دولة تفاخر بإنجازها المستمد من الشريعة الإسلامية جميع دول العالم، أعلن في ذلك اليوم أن الوطن بجميع أرجائه وطن المملكة العربية السعودية، وها هي شواهد ذكرى ثلاث و تسعون عاماً مضت على توحيد المملكة، عندما أصدر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- في 17 جمادى الأولى 1351هـ، مرسوماً ملكياً بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر، 1932 يومًا لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
لقد شرف الله -سبحانه وتعالى- هذه البلاد بأن تكون أرضها المباركة مهبطًا للوحي، ومهداً للرسالة الإسلامية الخالدة، وقبلة للمسلمين، وميدانًا للتقدم والمعارف والريادة بمختلف المجالات، فحق لكل مواطن أن يفخر بمسيرة الإنجازات العظيمة بعد عون الله وتوفيقه وحق لكل مواطن أن يفخر ويعتز بقيادته الرشيدة، منذ أن وضع أُسس التنمية لحاضر الشعب ومستقبله الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – طيب الله ثراه – وواصل أبناؤه البررة تحقيق الإنجازات المتواصلة دينيًا وقضائيًا وتشريعيًا وأمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا وتعليميًا وصحيًا وبيئيًا وإنسانيًا وتقنيًا وتنمويًا في السعودية العظمى، لتجسد مسيرة الخير والتنمية المستدامة والرؤية المتميزة التي تتواصل في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-.
نفخر ونعتز بقائد مسيرتنا مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي أحب شعبه وبادله الشعب حبًا وولاء وفاء وعرفانًا.. ونفخر ونعتز بسمو سيدي ولي العهد الأمين لدوره العظيم والحيوي في تحقيق منجزات رؤية المملكة 2030 بخطى تسابق الزمن، ونفخر ونعتز بجنودنا البواسل الذين سطروا ملاحم ستبقى في جبين التاريخ والأجيال القادمة رمزًا خالدًا للتضحية والإخلاص للدين ثم المليك والوطن.. يدافعون عن الوطن ويدحضون كل من تسول له نفسه التعدي على أي شبر من ثراه أو مقدراته أو مقدساته.. ونفخر ونعتز برجال أمننا في الداخل للأمن -بعد الله- حافظون، ونفخر بشعب بقلب واحد -متلاحم مع قيادته وإدراكهم المسؤولية الوطنية.. والطموح لتحقيق وطننا الغالي الريادة بمختلف الميادين.
ومن المناسب في الاحتفال بمناسبة اليوم الوطني في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام والذي يتزامن في فترة متقاربة مع ذكرى اليوم العالمي للقانون الذي يصادف الثالث عشر من شهر سبتمبر من كل عام أن ننوه بالمنجزات القانونية السعودية ونوه بالدعم الكبير واللامحدود من القيادة الرشيدة أدام الله عزها من خلال ما تحقق ويتحقق من منجزات نوعية في المجال القانوني بفضل الله ثم بالدعم والعناية الكبيرة بتطوير المنظومة القانونية السعودية بمختلف مجالاتها، مشيرًا إلى أهمية التشريعات القضائية الأربعة التي أعلن عنها سمو ولي العهد -حفظه الله ورعاه – والتي سيكون لها انعكاس إيجابي في تطور المنظومة القانونية في المملكة من خلال نظام الأحوال الشخصية، ونظام المعاملات المدنية، ونظام الإثبات، ومشروع نظام العقوبات التعزيزية.
إن الأنظمة السعودية تستمد من أحكام الشريعة الإسلامية، فقد أكدت على هذه المرجعية المادة (السابعة) من النظام الأساسي للحكم بالنص الآتي: «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة»، وبما يواكب في الوقت نفسه متطلبات الحياة والتطورات المعاصرة، مع الأخذ بالمبادئ القانونية والمستجدات في المجال القانوني، وبما يراعي التزامات المملكة في المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها، وبما يحقق مستهدفات ورؤية المملكة 2030 التي جاءت لتصنع حاضر ومستقبلًا مشرقًا للوطن بسواعد أبناءه وبناته.
إن هذه المناسبة الوطنية ترسخ في وجدان كل مواطن ومقيم، أهمية المحافظة على أمن الوطن، والتذكير بأهمية ودور المواطن والمقيم في المحافظة على الأمن المجتمعي من خلال الالتزام بالأنظمة في المملكة لما لها من دور في تحقيق مبادئ الالتزام، وتحقيق العدل والنزاهة والمساواة والشفافية.
كما نشير إلى التطور الكبير في البيئة التشريعية الذي واكب برنامج رؤية السعودية 2030، والمتمثل في صدور أنظمة جديدة، وتحديث الكثير من الأنظمة الحالية، والعمل على إيجاد منظومة قانونية متكاملة في مختلف المجالات.
إن مناسبة ذكرى اليوم الوطني الثالث والتسعون تعد فرصة سانحة لاستحضار هذه المنجزات التشريعية النوعية والتطورات والمستجدات القانونية في المملكة، وأثرها المباشر في خدمة المواطنين والمقيمين.
كما أن العمل التشريعي في المملكة شهد ولا يزال يشهد تحديثًا وتطورًا ملموسًا ومتسارعًا أسهم في ترسيخ مبادئ العدالة وصيانة الحقوق واستقرارها، وفق أفضل الممارسات الدولية المعمول بها في العمل القانوني والتشريعي.
وبهذه المناسبة الوطنية العزيزة، نجدها فرصة سانحة للتوجه بجزيل الشكر والتقدير والامتنان لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء- حفظهما الله – على الدعم الكبير واللامحدود لكل ما يسهم في تطوير البيئة القانونية والعمل التشريعي والنظام القانوني في المملكة، امتدادًا واستكمالًا لمسيرة البنيان الراسخ والبناء التشريعي المتين منذ عهد المغفور له بإذن الله المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه- وأبنائه البررة وصولًا إلى هذا العهد الزاهر.
والله نسأل أن يديم على وطننا الشامخ قيادته الرشيدة، وأمنه، وأمانه، ونماءه، وازدهاره.