بقلم الاستاذ علي الجبيلي
دلفت قبل أيام في بعض أحياء صبيا القديمة تأملت في بعض مبانيها وأزقتها وحوانيتها العتيقة الصاخبة المفعمة بالدهشة والألق
كان شئ من ملامح مبانيها يشبهني ..فقد أكتت أنظر الي خطوط الزمن على واجهاتها
التي يكسوها الوجع والتعب
ثم يتسنى لي أن أرى بعضا من ملامحي في المرآءة الخارجية للسيارة ثم أضحك لا اراديا واعيد الكرة مرة ومرة ومرة
رأيت في تقاسيم هذه التكوينات الفنية والهندسية شيئا أو شبها بأعمال الكثير من الفنانين التشكيلين
لا ادري لماذا طرأ في ذهني أسماء فنانون أصدقاء لي قبل أكثر من اربعون عاما من رموز الفن السعودي في الجنوب وكذلك الفنان الكبير عبدالحليم الرضوي في تجريداته ولوحات ذكريات الماضي والزميل الإعلامي والتشكيلي المبدع أحمدالمغلوث
اما رموز الفن التشكيلي في الجنوب وتحديدا العسيري منه فقد كان المبدعون عبدالله الشلتي وسعود القحطاني وعبدالله شاهر
من الذين رصدت بالكلمة والصورة لوحاتهم الجدارية الرائعه في عسير وخاصة ابها البهية وقد كنت محظوظا أن لم يسبقني الي ذلك أحد من الزملاء الإعلامين
كانت بعض أعمالهم تشبه أيضا كل حوانيت الماضي وكل الأجدرة الشاحبه وأقفال الأبواب الصدئه التي يقتلها الصمت وتسأل عن المغادرين الذين الفت مشاعر اناملهم مع كل غدوة لهم أو عشوة جيئة وذهابا -متى يرجع اولئك الطيبون؟!
وددت لو استطعت أن أحكي لها شيئا عن الماضي عن تلك الوجوه النظره عن البيوت الطينية السمحه عن براءة العشش وذكريات الغبرة فيها أو المطر أو هود المدرمة وشذا عطر بنت الفن والريفدور متداخلا مع نسمات الظفر والوالة والعزان وفل امقريشي وشمخة راعية امعضية ودمح الحسن الأحمر مازال يصبي في مفرقها وكأنك تتأمل خط برليف الأحمر هذا متى تتجاوزه لإكتشاف كنه ما بين ضفتيه الملغومتين بكل تلك التفاصيل المرعبة من حشوة الفتنة النائمة
وددت أن أحكي لها شيئا مما حصل بعد رحيلهم…أحدثها بما كان وصار وكيف صار عليها الحال وصار ….
تلك كانت همسات تختلج في عوالجي ولا ادري كيف تقفز نفسي من لحظتها وتغوص بذاكرتها في هذا المزيج المعقد من الألق والآهات في أزقة واحياء وحوانيت قد غادرها زمانها وأهله ..كانت تعج بالناس -الأطفال والشباب والمسنون والعجزة حتى منهم في يوم “ما”
وبين خليط الفرشة والمعجون وفكر فنان محترف ولماذا ازقة المدن القديمه وطين القرى وعجينها حاضر في نبضات عروقنا ومسام اوردتنا وسط
ضجيج وضوضاء القار الأسود الطويل بعابريه ومركباته وبين صخب عمائر الإسمنت والخرسانة الجافة الخالية من كل مشاعر الروح والعاطفه
وكيف أن هناك صنفا من العباقره آتاهم الله تعالى القدرة على توظيف الفكر الإنساني الرفيع الذي يتحلون به لتدوير بعضا من هذه المشاعر الصامته التي تختلجنا بين فجوة مرحلتين ماضي تسرب منا واصبح كالأحلام وحاضرا معاشا يحن للماضي ويتوق لمعرفة حال مستقبله ويوظف ذلك عبر مفردات ابداعية مدهشة عديده منها نبض القلم وضخ
شرايين أمل في تجسيد هذه المشاعر بالعجينة اللون الصريح والهجين تدغدغه ريشة ساحره تجعل صورة العقل تطبع رسما على الدفتر والحائط والمبنى بنا يكتنفها ويختلج في حقة أمخاخها ويجعل لأحلامنا معنى والف معني
كأمير الفن والإبهار والإبداع
كما فعل دايم السيف -خالد الفيصل مع اصدقائي الثلاثة الذين ذكرت آنفا …و غيرهم حيث كان للوحاتهم الجدارية الإبداعية في عسير نبضا وروحا وطاقة ومعنى منحت العشرات من ذوي الرؤى والموهبة مواصلة المشوار
على هذه الخطى المشرقه
في بلد النور……. فكان الإبداع وكانت عسير التي رأيناها والتي نتمناها …وكان كل مكان في مدن البهاء أو في أي مكان …كان ..وكفى
بقلم الاستاذ علي الجبيلي