محمد الرياني
بالخيط والإبرة ولاشيء سواهما تصنع الفرح، سبعون ربيعًا وهي تجعل من النسيج الأبيض غطاء للسعادة، تكتب على الرؤوس التهاني، لاتمل أنأملها من تحريك الإبرة العتيقة لتصنع ملبوسًا للبهجة، اتخذت من الفرح عنوانًا لتنسج الفرح، جعلت من الطواقي الجازانية زيًّا عالميًّا تجاوز حدود جزيرتها وبقعتها الساحلية في الجنوبي الغربي، مريم الفرسانية تجعل من البساطة فنًّا رائعًا يستعصي على خبراء الهندسة، كانت أشبه بعصفورة وديعة تصنع عش الفرح لتسكن فيه مع صغارها وفق تصميم إعجازي، هي لاتختلف كثيرًا في إلهامها عن تلك العصفورة التي تصنع العش المستحيل في عيون المهندسين، صنعت كثيرًا من طواقي الخيوط البيضاء ولم تعجز أناملها البريئة عن النقش والنسيج، جعلت من الغطاء الرقيق لرؤوس أبناء المدينة الساحلية مساحة فرح زغردت له كل النساء اللاتي رأين الغطاء يشع فرحًا وتاجًا لؤلؤيًا على الرؤوس، تغادرنا النساجة الماهرة وقد عشنا معها فرحتها الأخيرة، رأيناها مع بسام ولها عينان تلمعان وتدمعان سرورًا وفرحًا وهي تسجد سجدة الشكر في مسكنها الجديد، دمعت كل أو معظم العيون التي رأت فرحتها الفريدة، تعاطف معها الجميع حتى ظنوا أنها واحدة منهم أو نسيجًا مشتركًا كما كانت تفعل بالنسيج، لم نكن نعلم أنها ستودع الإبرة والخيط الأبيض والنسيج والتصميم الأنيق، أغمضتْ عينيها ورحلت عن قرية التراث وعن طالبي الفرح الذين لازالوا ينتظرون لباسًا يهنئ بالزواج وبالنجاح.
يرحم الله خالة الجميع مريم الفرسانيةصانعة الفرح في ليالي الفرح وفي كل المواسم وأورثها سكنًا في جنات النعيم.