مقالات مجد الوطن

” رِسَالةٌ إلى أبِي سَلمَان “

…..

 

 

ياأيّها السُّلطَانْ

يا سَيّدي سَلمَانْ

يَاابنُ الرَّبيعةِ والحَسَنْ

 

أناْ طِفلةٌ عربيةٌ

مِن أصلِ قَحطانٍ

وسَيف ٍ ذي يزنْ

 

أنا طِفلةٌ يَمنيةٌ

من بطنِ بلقيس ٍ

وأمِّي هيَ اليمنْ

 

ياسيِّدي لبيَّكَ ….

هذا خِطابٌ عَاجِلٌ إليكَ

أكتبهُ مِن دَمعةٍ

سَالَت على خَديكَ

وفي كفُوفٍ اعتمدنَ عَليكَ

أكتبُ في كلِّ جِدارٍ بعَدنْ

 

ياسيِّدي ….

أبي و أمِّي يذرفانْ

قد أقفَلا  اﻷبوابَ و اﻷخدانْ

وسَدّدَا كلَّ جَحورِ النّملِ والجُرذانْ

واختبئا كأرنَبينِ هاربينِ يخفقانْ

وراء كِيسٍ من ترابٍ يرجفانْ

يتناظرانِ خائفينِ

وفي هُدوءٍ يبكيانْ

في حُضنِ أمّي حَجرانْ

في عينِ أمّي حَجرانْ

حِجارةٌ كثيرةٌ

قد غطَّتِ المكانْ

مابينَ يُمناهَا

ويُسراهَا كفنْ

 

وأبي وَراء الكيسِ

قد نَزعَ النّعَالْ

ولَفَّ حولَ بطنهِ

الضَّامرِ بالعِقَالْ

وسَنَّ خِنجراً

بمبرَدٍ بلا ثمالْ

فنحنُ لانملكُ

حتى الرُّمحَ والنِبالْ

فأبي مريضٌ سيّدي

بالرَّبو والسّعالْ

قد أنهكَ التاريخُ قوْتهُ

وأتعبهُ العُضالْ

والشيبُ أقعدهُ

وأرداهُ الدرنْ

 

وأخي الصغيرِ سيّدي

بلا حليبْ

يصرخُ في أرضِ اليمنْ

دونَ مُجيبْ

أثداءُ أمّي لم تعد صالحةً

حتى تطيبْ

ولم نعد نملكُ شاةً

مثلما كنَّا نَريبْ

أخي يصيحُ سيّدي بلا لبنْ

 

الماءُ يامَولايَ

بالبئرِ تبخّرْ

وحمارُنا

مَن يجلب الماءَ تعثّرْ

وخبزُ  سَلَّتنا

من السمَّ تأثَّر

وماتبقَّى من طَعامي

قد تخثّرْ

نبحثُ عن كلِّ البقايا والعفنْ

 

ياسيِّدي سلمانْ ….

أريدُ أن ألهو

كما يلهو الصغارْ

أمشي وأجري

أركبُ الحِمار

بالفحمِ أكتبُ

قصَّتي وأملأ الجدارْ

للطيرِ أشدو

كلّمَا غنَّى وطارْ

وأطيحُ في رملِ الوطنْ

 

أريدُ أن ألعبَ

في بيتي الصغير

في غرفتي تلكَ الصغيرةْ

مثلما كنتُ أميرةْ

وابنُ جيراني أمير

يسرقُ ألعابي

وألعابَ سَميرهْ

يكسرُ أقلام مٌنيرٍ و معَنْ

 

ياسيَّدي ….

بعنا الملابسَ والدواءْ

نمشي حُفاةً سيّدي

بِلا حِذاءْ

نبحثُ في كلّ القمائم

عن غذاءْ

وننامُ بين كلابنا

دونَ رداءْ

يسرقنا الناموسُ

في نثر الخلاءْ

ومن العروقِ يسرقونَ

سيِّدي .. كلَّ الدماءْ

مشرَّدونَ كلنا بِلا سَكنْ

 

سلمانُ قل لي

أينَ ألعابي

وأينَها دُميتي

أينَ صَديقاتي

وأينُها رَوضتي

أينَ الفراشاتُ

التي بحديقتي

قد أحرقُوا حقلي

وداسُوا زهرتي

لعنوا طفولاتي

وقصّوا غرّتي

استعبدوني

حتى أقعدني الوهنْ

 

أين دَجاجاتي

وذاكَ الديكُ

ذو العُرفِ الجميلْ

أين النهيقْ ؟

أين الحميرُ

والبغالُ و الخيولْ

أين النباحُ

والعواءُ و الصهيلُ

أين مواءُ قِطَّنا الرُّوميِّ

ذي الذِّيلِ الطويلْ

فكلّ مافي حارَتي

دوَّامةٌ بينَ الدَّويِّ والعَويلْ

ما بينَ أصواتِ البنادقِ والفتيلْ

وكلُّ شيءٍ ماتَ في أرضي

وآثرتِ الرحيلْ

فالطامعونَ سيِّدي

باعوناْ مِن دونَ كفيلْ

باعوا اليمنْ

ياسيِّدي دونَ ثَمنْ

 

بَاعوا التَّراثَ

والحقولَ والكؤوسَا

هدَّوا القصورَ

وكسَّروا الفؤوسَا

نبَشوا المقابرَ

أخرَجوا بلقِيسَا

ويبحثونَ اﻵنَ

عن هودٍ وعِيسى

ليبيعوا عيسى

في مزادِ موسَى

من اليهودِ …

ومن سَماسرةِ الوَطَنْ

 

وينقِّبونَ اﻵنَ …

عن سَامٍ وكَنعانِ وحَامْ

لكَي يَبيعوا أصلَنا العَربيَّ

في سوقِ الحَمَامْ

مثلمَا باعوا قديماً

كلَّ مَملكةِ اﻹمامْ

طَحَنوا اليمنْ

دَاسوهُ كالرُّكَامْ

حَملُوهُ فوقَ هزيلةٍ

ليسَ لها سِنامْ

سَاقوهاْ في ليلٍ

ومِن دونِ خُطامْ

باعوهُ بخْسَاً سيِّدي

بالصاعِ والجِرامْ

من دونِ ميزانٍ

ولا الشَّاري وزنْ

 

ياسيِّدي ….

يَرضيكَ أن نحيَا سَبايَا

صَدقَاتٍ جَعلونَا

ومَزاداً وهَدايَا

عَارياتٍ رَسَمونَا

فَتياتٍ و صَبايَا

خلفَ أمواسِ الحِلاقةِ والمَرايَا

عَرَضُونَا في الفنادقِ والسَّرايَا

رَسَمونَا …

سَجَّلوا أرقامَنا

في كل أطباقِ المقَاهي والزَّوايَا

جرَّدونا .. أفسَدونا

عَاهراتٍ و بَقايَا

ورَمونَا مِثلَ

أشباهِ الوَثنْ

 

يَاسيَّدي ….

هَلَّا أتيتَ فنَحنُ جُزءٌ منكَ

فطفَولتي ياخادمَ البيتينِ

تَسألُ عنكَا

وكلُّ ألعابي التي قد

حوَّلوهَا زِنكَا

وكلُّ بطنٍ ضَامر ٍ

وكلُّ عينٍ ظنكَا

وكلُّ سنبلةٍ وبوغُ البُنِّ

يَبحثُ عنكَا

وكلُّ سيلٍ سَالَ

في أرضِ اليمنْ

 

سلمانُ ….

أسرعْ و انقذِ الأطفَالَا

حرِّر لنا السُّهولَ و التِلالَا

وكلَّ ما استباحَ عرضَنا وطَالَا

أرجوكَ أسرِع

واسبقِ الزَّمنْ

 

نَحنُ اليَمنْ …

نَحنُ اليَمنْ …

نَحنُ اليَمنْ …

…………………………..

أبو حليم ……

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى