أرجُوكَ يا روحَ الشبابِ و عنفَهَا
لاتحقرنَّ من الرِّجَالِ شبيبَا
لا تنزعنَّ مِنَ العجوزِ وقارَهُ
ولتَحتَرمْ عُمْرَ الزَّمَانِ وَ شيبَا
دَع كلَّ ألفَاظِ الإهَانةِ و ارمِهَا
واهجُر لهُ عَيبَاً بِهِ وَ مَعيبَا
فَالأُذْنُ كم سَمِعَتْ أسَى وَ تَسَامَعَتْ
أسَفَاً وَ نَعيَاً مُؤلِمَاً وَ نَحِيبَا
انظر إلى عَينيهِ كم قَد فَارَقَتْ
مَنْ كَانَ يَملأُ رَمشهَا وَ حَبيبَا
وتَباكتِ الأيَّامُ في أحدَاقِهَا
أْمّاً وَ إبنَاً بل أخَاً و قََريبَا
وانظُر إلَى كَفِّيهِ كم قد صَافَحَتْ
دَلَعَ الزَّهورِ وَرِقَّةً وَ خضِيبَا
وانظُر إلَى قَدَميهِ كم قد سَافَرتْ
مِن أجلِ عَينِ الحُبِّ بَاتَ غَريبَا
فلتنظُرِ التَّاريخَ في فَقَرَاتهِ
مَن حَوَّلَ الظَّهرَ القَوَيَّ حَدُوبَا
وانظُر تَجَاعيدَ الزَّمانِ وَ غدرهِ
مَن جَفَّ بالخَدَّ الأسيلَ خَصِيبَا
وانظُر إلَى جَنبيهِ كم قد عَانقتْ
بالأمسِ حُضْنَاً دَافئاَ وَ نِسِيبَا
طَبطِبْ عَلى الرَّأسِ القَديمِ وَ شَيبهِ
وادهُنْ بطِيبِكَ لِحيَةً وَ مَشِيبَا
كُنْ فيهِ تَلميذَاً وَ منهُ مُعلِّمَاً
عِشْ فيهِ قَلبَاً طَيَّباً وَ طَبيبَا
دَندِنْ عَلَى أغصانِهِ غَرِّد بِهَا
كُُنْ فيهِ لَحنَاً هَادِئَاً وَ عَذُوبَا
وازرَع عَلى شفتيهِ واحصد بسمةً
وَانزع مِنَ الفِكِّ القَديمةِ نَيبَا
خُذْ في يديهِ وقمْ له متواضِعاً
واجعلهُ لو جارَ الزمانُ رَبيبَا
إنّ الحياةَ تجارةٌ فادفع بها
دَيناً وسدِّد في الديونِ نصيبَا
فغداً يشيبُ الرأسُ يذهبُ لَمعُهُ
فاحذر عَقوقاً للمشيبِ و شيبَا
فعيونُ طفلكَ في عيونكَ نظرةٌ
ولسانهُ إن غبتَ قامَ مُجيبَا
إن خُنتَ خانَتهُ العيونُ تَرى بِهَا
كَهلاً زَجرتَ وَ خائناً أو ذِيبَا
ولو صفعتَ فكفُّ ابنكَ صَافِعٌ
لكَ في البعيدِ فكانَ فيكَ غَريبَا
……………………………
أبو حليم ……