الحياة تقوم في مجمل تعاملها على التبادل في كل الأمور ؛ فهي أخذ وعطاء ؛ فالمرء في عطاء مستمر لا يتوقف وإن أختلف ذلك العطاء ؛ فسلوك المرء في حقيقة الأمر عطاء يختلف من شخص لآخر ؛ فسعادة الإنسان تكمن في العطاء ؛ ويُمكن تعريف العطاء على أنّه إحدى الفضائل الإنسانية التي تعني البذل والتضحية ، ويكون ذلك بعدم التقيد بحب الذات فقط ، وإنما بحب الآخرين أيضا ، كما يعني العطاء من زاوية أخري التجرد من الأنانية والتملك .
قال تعالى { ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ ٱلسَّیِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا یَصِفُونَ } وقال عز وجل { وَلَا تَسۡتَوِی ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّیِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ … } ثم يوضح عليه الصلاة والسلام في هذا السياق حث قال : ( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ) وتختلف صور النفع ليشمل الخير في كل أمور المسلم ؛ وبإختلاف الأشخاص والأحوال ثم يكمل المصطفى عليه الصلاة والسلام بأن يقول : ( ولإن أمشي مع أخٍ لي في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرآ ) يقصد مسجد المدينة المنورة ؛ وهذا القول فيه دليل على أن العطاء في قضاء الحوائج بشتى ومختلف أنواعه ذو فضل عظيم .
قيل : العطاء مهنة الأغنياء ، وهو في حقيقة الأمر ما ينفقه الفقير للغير ، فالغني يستطيع مد يد العون بالمال ليدخل البهجة والسرور لنفوس من حوله ومن التجأ إليه ؛ أما الفقير ومن يفتقد المال فعطائه يكون بمساعدة الآخرين في قضاء حوائجهم وتفريج همومهم ومواساتهم بالأفعال والأقوال ؛ ولكل منهم مميزاته حسب إمكانياته .
العطاء أمر جميل يخرج من شجرة الحب المزروعة في داخل القلب الطيب ؛ يعود على صاحبة بالنفع ؛ وعلى المجتمع بالخير الوفير بشكل عام .
ومن أصدق من الله قيلآ { لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى … }
*نبيه بن مراد العطرجي*
مكة المكرمة