سحب بأكناف السما تتلالا …
و مغيب يترقب الآجالا
والمرسلات بخير ما قد أرسلت …
راحت تسوق إلى الأنام ثقالا
وسعت لدفع المعصرات فأنزلت ..
ثجاجها فوق الربى إنزالا
جاءت على قدر بأجمل موسم …
يختال في نسك الردى إحلالا
سحب تبشر بالغياث و دونها …
وعد و غيث يحمل الأفضالا
وعلى هوانا في الرجاء تراكمت ..
و مضت تغذ بسيرها إقبالا
و غدت تثير من التألف أعينا …
ظلت ترى خلف الركام جمالا
و الرعد آذننا بها و البرق في …
لمعانه قال الذي قد قالا
و كأنه بالومض سوط مؤدب …
لما طغى الباغي جزاه وبالا
وبها تقربت السما للأرض من …
شوق و مدت بالغياث حبالا
ولقد سعدنا إذ بدت في طلة …
و بها نعمنا في الختام مآلا
و ترقرقت مختالة في غمرة …
تجلو الضحى وتجمل الآصالا
و كأن سارية السحاب يتيمة …
تبكي أباها المشفق المفضالا
وكأننا المقل التي رمدت وقد …
شفيت وعادت تبصر الإكحالا
لما هتفنا حينما برزت و كم …
كنا نجدد خلفها الآمالا
و كأنما تلك الغوادي إذ دنت …
بالغيث تحيي بالندا أطلالا
و كأنها لم تلق غير ربوعنا …
نزلا فتلقي في مداه سجالا
عادت على أيامنا كالعيد في …
ألق و جادت بالعطاء نوالا
وإنهل منها الغيث وازدانت به ..
سوح وقد كانت عليه مجالا
حييت فينا إذ قدمت وما لنا …
من بعد إلا أن نرى الهطالا
و غمرتنا بالخير حتى لم نعد …
بعد الغنى نتذكر الإمحالا
و زرعت فينا بهجة و بشاشة …
والنقص أمسى بالنعيم كمالا
ورأيت هما بعدها يذوي كما …
أبصرت فيك لما أطال زوالا
و كأنه لما تجلى و انتحى …
أفقا كسا شمس النهار ظلالا
ودعا القفار المجدبات فأقبلت ..
تهتز و احتضنته لما انهالا
و أبان بشرا في الوجوه كأنما …
كنا نعاني قبله إقلالا
واختال بالغيم الحزام وسافرت ..
أرواحنا تستنأس الهطالا
و تريد أن ترقى إليه و تحتسي …
من قطره و تقبل المنثالا
و كأنه لما تقلد أمرنا …
أجرى الإله لنا به سلسالا
و تنفست فيه الدنا و تألقت …
سحرا و زانت أنهرا و جبالا
ويعانق الأرض اليباب ويرتدي …
أطباقها و ينهنه الأدغالا
و يظلنا في رحمة و يذيقنا …
برد الربيع و قد أفاض زلالا
نحيا به ما إن همى و نحله …
أرواحنا و نجله إجلالا
ويلوح في عذب النسائم عالم ..
عنا مضى لكنه ما زالا
نشتاقه و نراه يظهر بيننا …
ذكرى ونحدث بالقديم وصالا
رهط بهم كنا و إن غابوا فقد …
ضرب الزمان بأمسهم أمثالا
أندى الرجال يدا وأكرم صحبة ..
و أجل أفعالا و أشرف آلا
و كما سمت أفعالهم في غابر …
فلقد سموا فينا بذاك خصالا
لله ما صنع الجفاف بتربة …
ظمئت و كانت تشتكي إعلالا
و إذا الربى يحتلها بحلوله …
جدب فما كان الجلاء محالا
كلا ولا يأس الورى مهما ونت …
بهم المطي و لم يروا إبدالا
فالله جل الله في عليائه …
كرما و عز بفضله و تعالى
يعطي بما أعطى الخلائق منة ..
منه و يمنع من يشاء نكالا
و لنا حوائجنا و ليس لقانط …
إلا ضياع فيه زاد خبالا
ندعو وننتجع الغيوم ونجتدي …
بحرا و نجني بالدعا إفضالا
رغد و أمن في الديار و أنعم …
تترى تفوق الحصر و الإجمالا
و بها قضينا عمرنا و ترحلت …
فيها خطانا يمنة و شمالا
ما بين أودية تسيل و غائم …
يهمي و عمر بالمودة طالا
فنهيم في مطر ونرحل نشوة …
في كل واد بالمجلل سالا
ما كنت أعجب للقفار وفوقها …
قدر يغير بالقضا الأحوالا
فتعود من بعد التبدل روضة …
خضرا و تزهو نضرة و جمالا
و كأننا بالأمس ما بتنا على …
قلق و قد صعب المراد منالا
حتى مطرنا وانطوى في ظله …
كرب و عنا ما نقاسي زالا
و اهتزت الآكام من بعد البلى …
طربا و ألقت خلفها الأغلالا
ونضت قحاف الأرض رث ثيابها ..
و تسربلت من خضرة سربالا
فكأنها و العشب يستر عريها …
عذراء غطت جسمها إجلالا
و قلوبنا بين المفاتن بالهوى …
تحيا سعادتها و تنعم بالا
و إذا الغياث تأخرت أمداده …
دهرا وضقنا في الملال كلالا
فرجت وإن بعد المرام وإنما …
سينال كل معلق ما نالا
وإذا رأيت الغيم يهمي قادني …
ظني و ما منه خشيت وبالا
أما البعيد عن العيون فحسبه …
قرب و إن أودى بنا و أطالا
الطائر الجريح
احمدالمتوكل بن علي النعمي
جازان – حرجة ضمد
4 – 2 – 1446