مقالات مجد الوطن

(مشاعر)

 

……………….

وجدني في زاوية غرفتي متقوقعة على نفسي حاملة بيدي هاتفي النقال منهمكة بالكتابة ، وجهه لي سؤالاً مباغتاً قائلاً :

كيف تكتبين المشاعر ..؟!

رفعت رأسي نحوه وقلت :

أتعلم ، هذا السؤال وجههُ إليّ أكثر من شخص ، وبأكثر من صيغة وبأكثر من موقف ..!

.

قال : وماذا يكون جوابك بكل الأحوال..؟

قلت : نحن معشر الكتاب ، لا نكتب المشاعر ، بل المشاعر هي التي تكتبنا..

.

قال : عجباً ، كيف ..؟

قلت : عندما يحل علينا ظلام الخوف نهرع لنافذة الرجاء نحاول فتحها علّنا نجد منها بصيص ضوء الأمان ليبدد عتمة الخوف ، عندها نجد أن المشاعر هي التي تدفعنا لنكتب..

.

وقس عليها يا سائلي بقيّة الطقوس الداخليّة..

كتعثرنا بالخيبة وذرفنا الدموع أثنائها ، ووقوعنا بالحب ، وتلبسنا الحزن والأسى ، وطيراننا بالسعادة والأمل ، وشعلة الغضب حين تمسنا ، والطيبة والحنان الكامنة بأرواحنا ، والبلادة التي تراكمت في قلوبنا بفعل المواقف ، وانطفاء الحياة بفراق حبيب وموت عزيز ، واللهفة العطشى التي لا ترويها شذرات الاحتواء..

.

قال : على رسلك قفي قليلاً فقد انجرفت مع طقوس المشاعر..!

قلت ضاحكةً : مازلت في بداية ردّي على سؤالك..

قال : إذاً اكملي لن أُقاطع..

.

قلت : مشاعرنا المختلطة التي تعتصر بداخلنا تختلف في كتابتها عن مشاعرنا في معركة البشر ، فتكشف الحياة أمامنا مع الكاذب والمنافق وصاحب المصلحة والأناني والجشع والمغرور ومن تجبرنا الحياة بالتعامل معهم بحذر ووجل ، يختلف تماماً عن تعاملنا مع الصادق والشفاف والرقيق والطيب والكريم والمُحب..

.

قال : يا الله ، كأن المشاعر نهر نغترف من عذوبته ونسبح أحياناً ضد تياره..

.

قلت : أجل يا سائلي أجدتَ التمثيل والتشبيه ، ومهما حاولنا صياغة المشاعر بالشكل الذي يُرضي غرورنا ويشبعنا كي نتخلص منها نهائياً ؛ نظل قاصرين على إيفائها حقها من التعبير وتظل هي حبيسه أظلاعنا..

وتتحكم بنا وتجبرنا كثيراً على كتابتها ، ونظل نحن تحت رحمتها..

.

قال وهو يضع يدهُ على كتفي : تحملين الكثير بداخلك ياعزيزتي ، لا قدرة لي على ذلك ، أستودعك الله أنت ومشاعرك..

…………………

الكاتبة:أحلام أحمد بكري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى