أدِر رَأسَاً إلى حَكَمٍ وَ نَاظِر
مِيَاهَ البَحرِ واردُمْ كلَّ مَاءِ
إذَا مَاءُ السَّماءِ أتَاكَ ضَيفَاً
وَفَاضَ المَاءُ مافوقَ البِنَاءِ
فَمَن غَير البِحَارِ يَصُدُّ سَيلاً
ويَبلَعُ كلَّ إكرَامِ السَّمَاءِ
بَنِي لَحكُوم أنتُم كُلُّ بَحرٍ
هُنَا بالأرضِ يُكرِمُ كُلَّ مَاءِ
لَنَا في كُلِّ طَاولَةٍ إنَاءٌ
مَلَيئٌ بالمَكَارمِ وَ العَطَاءِ
فَنُطعِمُ فِي ظَلامِ اللَّيلِ جِنَّاً
وَخَلقَاً عَاشَ طَورَاً في الخَفَاءِ
فلا أيدٍ تَطُولُ عَلى عَطَانَا
ولا جُودٌ سَيطفَحُ بالإنَاءِ
إذَا أيْدِ الكِرَامِ خُلِقنَ طِينَاً
فأيدِينَا خُلِقنَ مِنَ السَّخَاءِ
بَنَينَا في وَمِيضِ البَرقِ صَرحَاً
وَنِمنَا في الرَّعُودِ بِلا غِطَاءِ
غَلَبنَا النَّجمُ ضَوءَاً وَ اعتِلاءً
وَضَاعَ البَدرُ نورَاً في المَسَاءِ
فلَا الزَّرقَاءُ تَشهَدُنَا كَنَجمٍ
وَيَجهَلُ كُلُّ إدرَاكٍ سَنَائِي
لنَا عَقلُ الحَلِيمِ وَ صَمتُ نَارٍ
فكلُّ الدَّاءِ في غَضَبِي وَدَائي
فَأنيَابُ الأسُودِ لَنَا سَيوفٌ
وَعَظمُ القَصِّ دِرعٌ لِللِقَاءِ
ومِخلابُ الصُّقَورِ لَنَا سِهُامٌ
وَعَينُ الضَّبعِ حِرزٌ لِلوَقَاءِ
فَلا فِي دَاخِلي هَرمُونُ خَوفٍ
وَلايَجرِي التَّقاعُصُ في دِمَائي
أنَا لَحكُومُ مِن سَعدٍ وَ سَعدٌ
بِأنْ تَبقَى سَعيدَاً في بَقَائِي
فَعِشْ يَاجَارُ في لَحكُوم عِزٍّاً
وَلَا تَنظُر لمَقلوبِ الوِعَاء
أنَا ذَاكَ الذي يَأتِيكَ طَوعَاً
وَيَسبِقُ كُلَّ فِكْرِ في العَطَاءِ
أعِد ذَاكَ الإنَاءَ كَمَا عَهِدنَا
مَليِئاً بالعَطَاءِ بِلا غِطَاءِ
فَفَخرٌ أن أرَى قَدرَاً وَ قِدرَاً
مَسَحنَا مِنهُمَا دَمعَ العَنَاءِ
فَكُن في خَافِقي عَربُونَ حُبٍّ
وَخُذ عَينَيَّ عَربُونَ الوَفَاءِ
…………………………….
أبو حليم ……