مقالات مجد الوطن

اليوم الوطني للملكة العربية السعودية (94)

بقلم د. علي بن محمد البهكلي
استاذ مساعد التاريخ الحديث
والمعاصر

استرد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ملك آبائه وأجداده في اليوم الخامس من شوال 1319هـ المصادف لليوم الخامس عشر من يناير عام 1902م ، و بعد ذلك شرع في العمل على توحيد البلاد من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ، وتم له ذلك بعد جهد كبير بحمد الله. وعندما اكتملت عملية التوحيد ، أصدر الملك عبدالعزيز مرسومًا بذلك وتسمية البلاد “بالمملكة العربية السعودية” ، وذلك في الحادي والعشرين من جمادى الأولى عام 1351هـ المصادف لليوم الثالث والعشرين من شهر سبتمبر عام 1932 م. وأمر جلالته بأن يكون هذا اليوم يومًا وطنيًا يُحتفى به ، وها نحن في هذا اليوم الثالث والعشرين من سبتمبر 2024م نحتفي باليوم الوطني السعيد على بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية ، كما شرع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في النهوض بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة ، فبدأ بتطوير الأنظمة التي كانت قائمة آنذاك وأنشأ النيابة العامة في الحجاز عام 1345هـ ؛ 1926م ، وعين سمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز حينها رئيسًا لها ، كما أنشأ مجلس الشورى عام 1346 هـ ؛ 1927 م ومجلس الوكلاء عام 1350 هـ ؛ 1931 م وعين أيضًا سمو الأمير فيصل رئيسًا عليهما ، وعندما ثـبَّت الملك عبدالعزيز أركان الدولة بدأت مرحلة البناء والتنظيم وترسيخ الأمن ، وتأمين طرق الحج ، وتعمير البلاد وتوطين البادية وترسيخ كيان المملكة ، وتحسين علاقتها مع الدول العربية والصديقة والوقوف إلى جانب القضايا العربية والإسلامية العادلة ، وأسس المدارس الحديثة وأرسل البعثات التعليمية وأدخل المخترعات الحديثة مثل السيارات واللاسلكي وغيرها ، وعندما أنعم الله على الملك عبدالعزيز بتدفق النفط عام 1357 هـ ؛ 1938 م أخذت البلاد تـتقدم بخطوات واثقة بمراحل مختلفة في النواحي التعليمية والصحية والبنى التحتية الخاصة بإنشاء الطرق والسكك الحديدية و وَضع ميزانية سنوية للدولة وساهم في تأسيس جامعة الدول العربية عام 1364هـ ؛ 1945م وأصبحت المملكة عضوًا في الأمم المتحدة في العام نفسه ، وعندما امتدت الخدمات الحكومية إلى كافة المناطق بالمملكة بات من الضروري إنشاء مجلس الوزراء وتعيين الوزراء ، وقد تم للملك عبدالعزيز ذلك حيث اُفـتتح المجلس في عهده بالرياض ، يوم الثالث من شهر ذي الحجة عام 1372هـ المصادف لليوم العشرين من شهر يوليه عام 1953م ، ولم يتمكن الملك عبدالعزيز آنذاك من ترأس المجلس بسبب وفاته يرحمه الله ، وذلك يوم الأثنين الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ التاسع من نوفمبر عام 1953م ، وعلى إثر وفاته خلفه في حكم البلاد ولي العهد سعود بن عبدالعزيز آل سعود ، ثم فيصل وخالد وفهد وعبدالله يرحمهم الله جميعاً ، وعلى إثر وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تولى حكم البلاد مولانا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه ، ومن خلال تعاقب أبناء الملك عبدالعزيز الحكم ، نهضت البلاد في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وفي هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ، تحققت إنجازات كثيرة لعل من أهمها رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد حفظه الله ، حيث تُظهر لنا مساراً مميزاً لمستقبل ينمو فيه الوطن والمواطن تُبنى من خلاله فرص عظيمة للأجيال المقبلة ، وقد ارتكزت الرؤية على ثلاث أسس تُعد مكامن قوة وهبها الله لهذه البلاد العظيمة ، أولها أن للمملكة عمق عربي وإسلامي ، وثانيهما قدراتها الاستثمارية الهائلة ، والثالث تميزها لموقع جغرافي استراتيجي ليكون في صميم أولوياتها تمكين المواطنين وتنوع الاقتصاد وتعزيز ريادة المملكة العالمية في مختلف المجالات من أجل بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح. مرحلة أولى بدأت عبر إصلاحات هيكلية واقتصادية ومالية واجتماعية واسعة النطاق، واستمرت بعد ذلك في مرحلة ثانية تهتم بالإنجازات ودعمها في تطوير السياسات والأنظمة وموائمة الاستراتيجيات وتنميتها لأهداف وطموح واستشراف مستدام من أجل مستقبل سعيد لرخاء المواطنين والمواطنات. إن من ثمار إطلاقها تعزيز فرص نمو القطاع غير النفطي ، كما ظهر تقدم المملكة في العديد من المؤشرات الدولية ؛ فعلى سبيل المثال أطلقت المملكة أربع مناطق اقتصادية خاصة عززت جذب استثمارات مختلفة ، كما تم الإعلان عن أربعة أولويات وطنية للبحث والتطوير والابتكار بتطلعات لعوائد اقتصادية مقبلة. أصبح هناك نمو للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ، وازدهرت منجزات صناعية بتوطين صناعات مختلفة ، وظهرت الجهود للحفاظ على البيئة واستدامتها وتمكين القطاع غير الربحي ودعم أبناء وبنات الوطن بتنمية مهاراتهم وقدراتهم ، حتى أصبحنا نسمع أخبار إنجازاتهم العالمية ، كما أصبحت المملكة جهة عالمية يُستضاف بها الأحداث والمؤتمرات العالمية ؛ فـفازت المملكة باستضافة الإكسبو وترشحت لاستضافة كأس العالم وأقامت مؤخراً المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي ، حيث تُولي المملكة رغبة ريادية عالمية واهتماماً استثمارياً واضحاً لهذا المجال.
حفظ الله مولانا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ورعاهم ووفقهم بتوفيقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى