محمد الرياني
وكأنَّي ما رأيتكِ !
وكأني ما رأيتُ طلاءَ الأظافر !
وكأني ما أطبقتُ على إصبعي لأمنعَها من الكتابةِ إليكِ !
لما رأيتكِ تعزفينَ عن الكتابةِ لي فعلتُ ذلك ، عضضتُ إصبعي التي أرهقتْها الكتابة ، سرعةُ الدَّمِ فيها أسرعُ من البقية ، النبضُ فيها أسرعُ من سرعةِ قلبي ؛ لأنها تكتبُ إليك ، عبثًا أحاولُ منْعَ نفسي من إدرارِ مشاعري ، أحاولُ أن أوصدَ الأبوابَ كي لا أرى عشرَ أصابع تخضَّبتْ بطلاءِ الأظافرِ ثم عزفتْ واحدةٌ منها من أن تكتبَ ردًّا وكأنَّ مسحوقَ الطلاءِ الوردي لايريد أن يذوبَ في أحضانِ الحروفِ الناعسة ، آثرتُ أخيرًا أن أهجرَ الكتابة ، وأن أنظرَ إلى بناني التي كتبتْ وقد ارتسمتْ عليها آثارُ الألم ، تُحدثُني نفسي عن آلامي التي سكنتْ مع حروفي ، ومع وجداني وقتَ الكتابة ، ومع بدايةِ كلِّ سطرٍ ونهايته ، أريدُ لعالَمِ الكتابةِ أن يشهدَ علينا وأن يمنعَ مصانعَ الطلاءِ كي لاتكون الحاجزَ بين النبضِ والحروفِ الذابلة ، وبين الأصابعِ الورديةِ وأخرى مسَّها الضرُّ من فَرطِ اللعبِ بالحروف ، قلتُ لهذا اليومِ الذي صمَّمتُ فيه على هَجرِ بناءِ الحروف : لايزال هناك مجالٌ للتنفسِ ووضعِ زفيرِ الكلماتِ على الورق ؛ لكنَّ رجائي أن يبقى متوقفًا على أن يكونَ لونُ طلاءِ واحدٍ من الأصابعِ بلونٍ غيرِ وردي فتكتب ولا تكترثْ بذوبان الطلاء .