بقلم – سارة صالح الملحم
الأحساء
في يومي المليء بالانشغال والواجبات، وبعد دوام صباحي ودراسة مسائية، و إذ بزميلة في مُدرج المحاضرة الدراسية أ/إلهام الجبارة تعرض علي مرافقتها بالذهاب إلى النادي الأدبي، فقد نُظِمتْ أمسيةٌ شعرية لأحد الشعراء حتى لم أبالي بمعرفة من يكون لحظة اقتراحها… فكرة رفضتها للوهلة الأولى شكلا ومضمونا فأنا المنهكة المتعطشة لساعة استرخاء، لا مجاملات أو زيادة أعباء.
أوقفت اقتراحها بكلمتين (إلهام. لاااا ) سرعان ما انتهت المحاضرة و اذا بي أتجاوب بعد إصرار منها و إقناعي بمرافقتها لتلك الأمسية . ذهبت وانا على مضض، وغايتي كسب تجاذب أطراف الحديث الممتع معها فقط. لا أكثر، الذي من شأنه ان يلون يومي الروتيني. ركبنا سيارتي وكنت أقود بها. وقتها تمنيت أن تطول المسافة من الجامعة إلى مقر النادي لما سمعت من أحاديث مشوقة ومليئة تدعو الى الفخر بأحسائي في الآونة الأخيرة. فأنا التي تزعم أنها أحسائية الهوى والأصل والانتماء. جذبني ونال استحساني شرحها السريع عن اجتماع مثقفين أحسائين تحت سقف النادي الذي لم أره بعد.
وطوال حديثنا بالطريق وفي مخيلتي صورة مبنى متواضع جدا للمكان ، فالواقع الذي نراهُ غالباً في المنشئات عامةً من تواضع كبير في الإمكانيات و افتقار للتصميمات الحديثة الجذابة ، جعل تصوري الشكلي للنادي الأدبي لا يقفز بعيدا أو يتخطى حدود مبنى بإمكانيات متواضعة حجما وتصميما وتأثيثا.
أقبلنا على المقر فأشارت إليه وقد رأيت ما يفوق توقعي وبدى لي كأنه شعلة جمال. بإنارة ملفتة وتصميم يليق بأحسائنا. مكان ملفت ومشرف، ومن اللحظة الأولى من دخولي لم أتوانَ عن تصوير كل ما أراه داخل أروقة المكان. لم أخجل من المتواجدين فاذا بي أصور بكثافة وفي داخلي مشاعر مختلطة من الفخر والسعادة والإعجاب والدهشة بما أشاهده مما يليق بأرض هجر وأهلها الكرام. غمرتني سعادة مفاجأة انستني يومي الذي أُستهل في تمام الخامسة صباحا.
كنت ألتقط صورا وأرسل في الحال إلى والدتي حفظها الله والأخوة وأبنائهم. تمنيت لو أن أسرتي كبيرهم وصغيرهم يشاركوني ما أنا مستمتعة فيه وما أراه.
نعم هو نادي الاحساء الادبي الثقافي.
قضيت ما يقارب ساعتين من الزمن مرت بمتعة لسماع قصائد لامست الوجدان، و إستفدتُ من مداخلات عميقة تثري المستمع وتعلق في الأذهان.
وفي وسط الأمسية الشعرية الرائعة بفارسها و مُنظميها إذا بي أتوجه لأحد المنظمين و أسال عن المبنى ومرفقاته ومكتبته وكيفية معرفة أوقات الفعاليات المقامة في النادي والمشاركة فيها إن أمكن.
لفت انتباهي وجود مكتبة أدبية رائعة في الترتيب والتبويب المنهجي المكتبي. لم يسعفني وقتي للأسف أو وقت القائم عليها للبقاء فيها و الاستزادة مما فيها من كنوز المعرفة لضيق الوقت..
رأت عيني وأبصرت جوارحي تعايش ‘ وألفة صادقة ، ولُحمة ومواطنة في ظل أجواء ثقافية أصيلة.
وهنا تساءلت لماذا لم أعلم بوجود مثل هذا الصرح المشرف مسبقا؟؟ وهل الدور الملقى علينا كأحسائين الإعلام عنه؟؟ وكيف وقد أنشأ منذ عام 1428 هـ وأنا حتى هذا اليوم أراه وتطأه قدماي عن طريق الصدفة البحتة؟؟
لا لن يفوتني ولن يفوت كل من يقرأ الآن بأن يُشهر ويُعرّف و يقدم نادي الأحساء الأدبي واجهة مشرفة لهجر أرض العطاء منذو القدم فواجبنا نشر الكثير من المعلومات والصور عن هذا الصرح في مختلف وسائل التواصل ، كي يستفيد وينهل منه الكثير ويصبح مقصدا لأهل الثقافة والأدب، و يكون مفخرة لأحساء الخير كما أسماها والدنا المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله.
ان من الواجب تقديم الشكر للمبدعين والجنود المجهولين في إنشاء نادي الاحساء الأدبي كل على قدر عطائهم ، فمن لايشكر الناس لايشكر الله ، هنا لا يغيب عني ذكر وشكر الأستاذ الدكتور ظافر بن عبد الله الشهري لمجهوداته المبذولة في إنشاء هذا الصرح و الإرتقاء به إلى حد الجمال و الاقتراب من الكمال ، و الشكر موصول لشباب الأحساء أصحاب الهمم العالية ، فبهم يبقى ويرتقي هذا الصرح بمشيئة الله تعالى .
نعم لا ينقصنا كأحسائين أن نبرز مثل هذا الصرح فنحن أهل لذلك ، إننا على نهج الأباء و الأجداد سائرون . فأجدادنا من قال فيهم رسولنا الكريم وخير ولد آدم عليه افضل الصلاة و أتم التسليم: (اللهم اغفر لعبد القيس إذ اسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا ولا موتورين). .. وحديث النبي مع الأشج القادم من ارض هجر (فيك خصلتان يحبهما الله تعالى، فقال وما هما يا رسول الله؟؟ قال النبي : الحلم والأناة)
فهلا نكون أهلا لهذا الدعاء و أن نكون منارة للعلم والثقافة وجميع أعمال الخير في أرضنا الطيبة ، ومملكتنا المعطاءة.
وبقوله عليه الصلاة والسلام أختم مقالي بما يناسبه من عنوان …
(أحساء الخير بكِ افتخر) ..