الأديبة الإعلامية هيفاء هاشم الأمين
إن الاسراف الذي تشهده مجتمعاتنا في عمل حفلات الزواج، والذي تحول الى مجرد عادة للتباهي يمثل واقعا لحياة زوجية قلقة يسودها الارتباك، وقد تدفع الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.
وإن الإقدام على الزواج أصبح أمراً لا يطاق وفوق احتمال الكثير من الشباب، حيث تحولت حفلة الزواج فعليا الى ثلاث حفلات ما يمثل إسرافا وتبذيرا لا هدف له إلا التباهي امام الناس دون تفكير بالنتائج الوخيمة التي ستترتب على ذلك. كما أن هناك فئة من الميسورين الحال قاموا بعمل حفلات تفوق قدراتهم كي لا ينتقص من وجاهتهم وفق ما يقولون فوقعوا بديون ومشاكل سبب بعضها حالات من الطلاق. بالإضافة الى انه في وقتنا الحالي الكل ينظر للآخر ويريد أن يقلده ويعمل أحسن منه والفقير ينظر للغني ويريد أن يفعل كما يفعل الغني.
ولكن كل انسان عليه أن «يمد رجليه على قدر لحافه» كما يقول المثل الشعبي، وعلينا بالدرجة الاولى أن ندرك أن هذا الاسراف من شأنه ان يجعل حياتنا جحيما يوما ما، كما أن الإسراف أمر مكروه نهى الله عنه والرسول صلى الله عليه وسلم».
كثيرًا ما يتكلف الأهل على بناتهم يوم عرسهن:
فيأتون لهن بأثمن الملابس ويُلْبِسونهن أفخر الحلي، ويذهبون بهن إلى الصالونات الغالية ليدفعوا مقابل تصفيف الشعر وتزيين الوجه (ليوم واحد) مبلغًا يكفي لإطعام ستين مسكينًا أسبوعًا كاملاً! أوليس المسلمون اليوم يميلون إلى التقليد في كل أمر وأهمه أن السعادة الزوجية لا تكون بتلك الطقوس، يُقَدمون الحلي للزوجة عند الخطبة، ويوم العرس على مرأى من المدعوين، ويتفاخرون بهذه التلبيسة، فَمَنْ طبيعة المجتمع الذي يُوَرث الصغَارَ عاداتِهِ واهتماماته، والتلبيسة بهذا المنطق أصبحت نوعًا من السَّرَف، فهي لم تعُدْ هدية للتقرب والتحبُّب بين العروسين، وإنما أضحت وسيلةً للتنافس والتسابق بين العائلات.ولكن المبالغات تلك هي القضية، وعمل هؤلاء هو علة ما نشكو منه من انصراف الشباب عن الزواج! فمَنْ لكل شاب مسلم لِيُؤَمّنَ له كل هذه النفقات (للعرس وحده) وهو عاجز عن تأمين مهر فضلاً عن بيت للزوجية؟! إن الموضوع فيما أرى يستحق التأمل والتفكير، تمهيدًا للتغيير والتعديل وهل حان الوقت لأن يخرج جيل جديد واعي و مثقف ليقضي على هذه الظواهر؟ أم أننا لازلنا نسير في الاتجاه الخاطئ؟ وهل ستظل نظرة الغالبية العظمى لمن يسعى لإرضاء الله في هذه المناسبات سواء أكان العريس أو العروس أو أهلهما
أو مجرد آمر بالمعروف وناهي عن المنكر هل ستظل نظرة الغالبية لهم على أنهم متعصبون كارهون للفرح؟؟؟؟ هذه المظاهر التي لا تراعى فيها ما حرم الله وما حللها من أسباب حلول غضب الله على الناس والمجتمعات حين تكون هذه المظاهر
منتشرة ولا يأبه الناس ولا نجد حتى من ينهى عنها و ينصح الناس، فحتى الذين ينكرون هذه المظاهر صاروا قلة قليلة جداً. لماذا الاتكالية وكل واحد يتكل على الغير وكل واحد يقف المواقف السلبية؟ إن هذه المظاهر أحد أهم الأسباب التي جعلت الزواج والأعراس أمور معقدة وصعبة وتسببت في تأخير سن الزواج عند الكثيرين والكثيرات وتسببت في ظاهرة العزوف عن الزواج لدى الكثيرين. فأصبحت الأعراس هموم لأهلها أكثر من كونها أفراح…
وفي الأخير الإسراف في الأعراس هو مشكلة اجتماعية بحتة علينا معالجتها من الفرد إلى الأسرة إلى القبيلة المجتمع والوطن.