مقالات مجد الوطن

صناعة التفاهة

احمد عزير
صناعة المحتوى الجيد لاشك بأنه يتطلب أدوات جيدة للوصول إلى درجة معينة من القبول والاستحسان، أقله رضى صانع المحتوى بمايقدمه إن كان فرداً أو جماعة.
وبالطبع لايتأتى ذلك بمحض الصدفة بل يعتمد على التأهيل والتأصيل العلمي والمهاري واكتساب الخبرات والتجارب والتي تعمل على نضج المادة والمحتوى الذي يُقدم للمتلقي.
لكن بنظرة متأنية فاحصة من الشريحة المستهدفة من ذلك المحتوى الرصين؟
قد تتفاجأ إذا عرفت أنهم شريحة قليلة جدا، ولك أن تتجول في الشوارع والطرقات وان تلحظ تحلق الناس حول الشاشات أثناء المباريات والافلام والمسلسلات الهابطة مقارنة بمن يلتفون خلف برنامج وثائقي يحفظ التاريخ ويوثق المعلومة.
إذن هل العيب في صانع المحتوى أو في المتلقي؟
ولذلك لا تعجب أن رأيت أصحاب وملاك القنوات الفضائيه يضعون للترفيه أولوية قصوى في برامجهم لاستقطاب شريحة أكبر من المتابعين،
مناسبة مقالي هي الهجمة الشرسة من الكتاب والإعلاميين على صانعي “التفاهة” والذين يمتطون إحدى منصات التواصل الاجتماعي “السناب شات” والذين انكشفت سؤاتهم وظهر عوارهم مع أزمة تفشي وباء” كورونا” المستجد حيث لم يستطيعوا أن يقدموا أي محتوى مفيد للمجتمع حيث دأب بعضهم على أرتياد المطاعم والمقاهي لإبراز محتواه الفارغ والممجوج والمملوء بالضحكات والأستعراضات . ولذلك لوحظ الملل والتضجر في مقاطع مسربة لهم والذي دل بما لا يدع مجالا للشك بخواء المضمون، وحتى أكون منصفا -والله يأمرنا بالعدل والإحسان – هناك فئة قليلة قدمت ومازالت تقدم محتوى مفيد ونافع حتى وإن إبتغوا من ورائه مالا وفيرا.
المؤلم في الموضوع أن معظم الكتاب تناولوا ذات الموضوع وثبت لديهم بما لا يدع مجالا للشك بأن هؤلاء الفئة المارقة على المألوف هم فارغي المحتوى لكنهم لم يتطرقوا للمتلقي من قريب أو بعيد. وكأنهم تهيبوا مجابهة المجتمع وأستأسدوا على تلك الفئة القليلة ، فطالما لقي استحسانا منهم ورضى بمايصنعون، إذن هم وصانعو المحتوى الفارغ سواء ، وإلا لوكان المتلقي ذو قيمة عالية من الثقافة والوعي لما تقبل تلك الضحالة في المعلومة والسطحية في المحتوى،
لذا لسان حال صانعو التفاهة “المخرج عاوز كدة”.
حتى نستطيع أن نتدارك الأمر وما يزال في أيدينا أن نشعل شمعة بدلا من أن نلعن الظلام دوما، يجب على الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني أن تتآزر حول الرقي بالمجتمع من جديد وأن تستقطب العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي ليشكلوا الوعي ببرامج تؤهل وتبني وتعيد للماجدين مجدهم وألا يسمح أن يقود الأمة إلا من هم بالقمة . وأن تستنبط التجربة اليابانية والماليزية في بعض المشاريع التنموية والتعليمية والتي لها إشارات ممكن الاستعانة بها إن أردنا إصلاحا وتوفيقا.
الرياض ١٥ابريل ٢٠٢٠ م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى