مقالات مجد الوطن

(وقفات مع بعض حكم وأسرار عيد الفطر)

 

بقلم /عامر بن عبدالمحسن العامر
العيد أسمٌ جميل تبتسم الثغور بنطقه، العيد فرحة صغير وبُشرى كبير، يأتي العيد ليعلّم الأطفال كيف يفرحون، ويعلّم الكبار كيف يُحِبون ولا يكرهون، يؤثرون، ولا يستأثرون، يبتسمون ولا يعبسون…

يأتي العيد على المسلمين ليقول لهم أبتسموا وأدخلوا الفرح والسرور على من حولكم، العيد هو ثمرة عملٍ صالح أوصلكَ إلى أن تعرف أخلاق الإسلام ومثله العليا…

ألسنا ننتظر من صومنا في شهرنا العظيم الكريم رمضان الذي أنزل فيه القرآن أن نصل إلى أعظم ثمرة في الحياة إنها: (التقوى)…

فالعيد ثمرتها التي لا تنقطع؛ بل وتدوم في الآخرة…

العيد يعلمنا كيف نرتفع في سماء الأخلاق الإسلامية عن الحقد والغل والظن السيئ…

العيد يُظْهِرُ ويُجلي ثمرة الإخلاص في العبادة، فالعبادة ليست عادات وحركات وأوقات معينه، من صلاة وتلاوةٍ لكتاب الله وذكر وصيام وقيام؛ دون أن تؤثر في حياتك؛ فتشعر بأثرها ويشعر بها من حولك ومن يتعامل معك، وتتعامل معه وأولهم الأسرة…

العيد يُعلمنا كيف تتصافح القلوب قبل الأيدي، وكيف يمتد الحب من دائرته الضيقة إلى سعة الحب في الله فتشفق على أخٍ لك في الإسلام دونه المحيطات والمسافات…

العيد يعلمنا كيف نكون جسدا واحدا في أمتنا الإسلامية الكريمة ووطننا العظيم المقدّس المملكة العربية السعودية…
ويرجع البلد العظيم وكأنه للجميع دار واحدة…

فالإسلام وحّد القلوب، فلا عصبيّة مقيته ينادي بها كل جاهل، ولا اعتزاز بجاهليةٍ جهلاء؛ لم تعرف الدين ولا تؤمن بالحب الذي هو روح الإسلام النابض…

عندما نهدي الصغار الهدايا لكي يبتسموا ويفرحوا، فإننا نهدي الكبار هدايا القلوب لنفرح بعيدنا الذي هو ثمرة إخلاصنا في شهرنا الكريم: (لعلكم تتقون).
هنا الفرحة التي لا تعدلها فرحة ألا هي: دخول الجنّة…

العيد يومٌ مشرقٌ بهيج يشعر الموفق أنه يبدأ حياةً جديدة فيها القرب من الله جلّ جلاله بعد أنْ تربى تربيةً إيمانيّة في شهر الفضل والخير…

العيد بداية التغيير الحقيقيّ للنفس الإنسانيّة، كونها تربت شهرًا كاملًا على قوة الإرادة والعزيمة، ونعمة المراقبة…

فأصبحت نفوس الصائمين؛ تدرك المعاني السامية للإرادة القويّة المتَّبِعةُ لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلّم، لأنها تمتعت ونهلت مما يقربها من الله فأدركت سرّ استخلافها في الأرض، وعلو مكانتها عند الله…

العيد تحرّر من كل آفات النفس من الكبر، والحسد، والغل، والكره، والأنانيّة؛ وكل ما توسوس به النفس الأمارة بالسوء.
وانتقال النفس إلى المكانة التي يريدها الله لها لتكون نفسًا مطمئنة؛ تعرف ما لها وما عليها من حقوق…

العيد ولادةجديدة لتبقى الفطرة السويَّة مصونة من آفاتها، ولتبقى النفس طاهرةً تعشق الطهر وتحب الطاهرين…

العيد شعاره العظيم (الحب) وكظم الغيظ، والعفو، والألفة، والوصل، والرحمة، والعطف، والوفاء، والبذل، والعطاء، والتوسعة على الأهل والأطفال، والجلوس والأنس معهم…

العيد صفحة جديدة لا كالصفحات فيها أجمل طريق وأعظم مسير إلى الله، يُكتَبُ فيها كل ما يرضي الله، من عبادة يقظة، وصدق مع الله، وبعدًا عن كل معصية، وحب للمسلمين، وصلةٌ للأرحام، وأدخال السرور على الأهل والأطفال، وعلى جميع المسلمين من حولنا، حتى ترى نفسك وكأن كل من رفع سبابته بلا إله إلا الله أقرب قريبٍ لك…

العيد صفاءٌ ونقاء تتجلى فيه عظمة هذا الدين الكريم، وتبرز فيه النفوس الكريمة، ويظهر الإيمان كسحابة جميلة تسكب الطهر والحب والتسامح والألفة على قلوب المؤمنين…

فيتلاشى أمامها جفاء الدنيا وأنانية المال والنسب والقبيلة،،، الكل أخوة في الله ويسيرون إلى الله في طريق الحق وعلى هدي القرآن…

تلمست حال السلف عندما كانوا يعدون العدّه لشهر رمضان المبارك، فوجدت أنّ إدراكهم لما في الشهر الكريم من عطايا ومنح؛ لم تستوعبها عقولنا، رغم نطق ألستنا بها، وذلك لضعف الإدراك الذي لا ينميه ولا يغذيه إلا القرب من الله، نتيجة للعلم، العلم الراسخ، والمتابعة الصادقة لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام…

وتلمست حالهم عندما كانوا يهتمون إهتمامًا بالغًا بمواسم الطاعات، وكانت النتيجة لذات السبب…
إذًا فالدهر عندهم بل حياتهم كلها عبادة!…
فتذكرت لمَّا سأل عبدالله بن أحمد بن حنبل والده وكان حديث سن فقال له:
متى الراحة؟ فأجابه: عند أول قدمٍ تضعها في الجنّة!.

يا الله كيف أدركوا أولئك أسرار العبادة، وأسرار رمضان، وأسرار العيد، وأسرار الاستخلاف في الأرض، وأسرار العيد؛ بل وأسرار الحياة…
تقّبل الله طاعتكم…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى