بقلم / خالد بن عبدالرحمن آل دغيم
الخبير والباحث في الإعلام السياحي
تتوارد الخواطر أحياناً في ذاكرة أحدنا، ليجد نفسه يعقد مقارنة بين موقف وآخر مشابه له، أو بين سيرة إنسان ملهم، وصنو له في همته ونبله وعزيمته، ولعل ما يقودني للحديث عن هذا الجانب، أنني قرأت عن صديق مقرب من الفنان التشكيلي الأسباني بيكاسو، والذي يُعد من أشهر الفنانين في القرن العشرين ويدعى صديقه هذا، أوجينيو أرياسEugenio Arias ، وقد نشأت بينهما صداقة منذ عام 1947 م، ولقوة العلاقة بينهما كان الفنان بيكاسو يهدي بعض أعماله الفنية لصديقه، وهي تتألف من رسوم ومحفورات وخزفيات، وقطع فنية منفذة على الخشب.
وما إن توفي بيكاسو، حتى تسابقت المتاحف العالمية على صديق بيكاسو، للحصول على بعض هذه الأعمال، ودفعوا فيها مبالغ طائلة، إلا أن أرياس رفض كل تلك العروض، واتجه لقريته الصغيرة Buitrago del Lozoya التي تقع شمال العاصمة الأسبانية مدريد، وأنشأ بها متحف بيكاسو كوليسيون أوجينيو أرياس والذي اصبح فيما بعد، من أشهر المتاحف العالمية، التي تضم مجموعة من أبرز وأهم أعمال بيكاسو الفنية، ولعل ما جال بخاطري، وانا أزور قرية بن عضوان التراثية، علاقة النبل التي جعلت من أرياس يضحي بكل الملايين، التي عرضتها عليه أشهر المتاحف العالمية، لتحظى بشيء من تلك الأعمال ليجعل من قريته الصغيرة وجهة سياحية عالمية، بإنشاء أبرز متحف لأعمال بيكاسو الفنية.
وهي هي العلاقة نفسها التي جعلت محمد بن عضوان الأحمري، يقيم معلماً للتراث والسياحة الزراعية الحديثة، ليشعل ناراً على أعلى قمم جبال السروات، لتصبح قريته علماً تتجه إليها بوصلة السياحة المحلية، جنوب المملكة العربية السعودية، وتصبح مصدر رزق للمجتمع المحلي في بيحان بللحمر وللزائر فرصة الإستمتاع بأنماط السياحة المتعددة بين التراث المادي والغير مادي
من المعارف والتقاليد والعادات والمهارات والموروث والتراث وتبرز له علاقة الإنسان بالأرض علاقة العطاء المتبادل عند من يسعى دائما الى البناء والرخاء والنماء ويرى في ذلك السعي أنه يحقق الحياة التي خلقنا الله فيها ولها وهذه الفئة من الناس من أورثهم الله الارض لعمارتها فاولائك باذن الله هم المفلحون.
وقفة:الأبطال و العظماء يصنعون الأحداث العظيمة، ويدخلون التاريخ من بابه الواسع، ويستمتعون بالوفاء الذي يعطي الشعور بالأمان، ويزيد الرضا في النفس، والأوفياء دائماً مثابرون وصابرون، إلى أن تتحقق الآمال، لأنهم يستمتعون بالنجاح ويمدون من حولهم بالإيجابية، وهذا ما تحقق في قرية بن عضوان السياحية، ولمسه الزائر لها، حيث اكتملت عناصر الجذب في مكان، جمع الأصالة والعراقة، وامتزج بطبيعة المنطقة وبيئتها الوافرة.
ختاماً: هنيئا لأهالي بيحان بهذا المعلم السياحي، وشكرا للأستاذ محمد بن عضوان على هذا الجهد المميز، وهذا الإنجاز الرائع، الذي أصبح لبنة في مسيرة البناء والعطاء، في بلادنا الغالية التي تقدر أصحاب الإنجاز، وتعرف لأصحاب الفضل فضلهم.