مقالات مجد الوطن

الخمار

 

محمد الرياني

في شهوره الأولى وهو يتقلب على السرير،  تعود إليه فتجد رأسه يتدلى لأسفل، تصيح عليه، هل أتركك تسقط الآن؟ يضحك وهو لايدري، ترفعه بيديها، تضمه، تشمه، تقبله ثم تعيده إلى مكانه، سرعان ماينقلب على ظهره أمامها، تصيح عليه :ماذا أفعل بك؟ تضطر للجلوس عنده حتى يأتي من يحرسه، كبر وهو يزداد حركة، خافت عليه وهو يتعثر في خطاه، اتخذت من خمارها وسيلة لثنيه عن فعله، تربطه في ركبة السرير، يدور حول نفسه، يصيح، يشير إلى من يراهم لينقذوه ، يشفقون عليه، يفتحون الرباط، يمشي ببراءة وهم يتبعونه، يكسر الفناجين فيجمعونها قبل أن تجرحه، كبر وهي تخاف عليه من أن يبتعد عنها، جاءها يوما مازحا، سحب غطاء رأسها، ربط نفسه في السرير، بكى كالأطفال، بكت معه وهي تمازحه، احتضنها كما كانت تفعل، استلقى على السرير وأخذ يتقلب فيه، جعل رأسه يتدلى، استدارت ومالت إليه تقبله، سافر عنها ليعمل، هناك رأوا مشيته، حركته، وسامته، شعره الأسود، أسنانه عندما يبتسم، فأحبوه، وجد ضالته ، تزوج بمن أحب ، شهد الزواج الغائبون مثله ، أرسل لأمه جوابا يخبرها فيه بأنه قد تزوج، هجرته ثم لحقت به بعد عام وهي تكاد تجن من هذا العاق البريء، تفاجأ بوجودها، رتب حفلة للزواج والعروس حامل ، لبست للعرس في أرض الغربة، رددت نشيدا جاءت به من وحي أرضها ، جهز لها دارا لتبقى عنده، أخرج من دولابه خمارا يشبه الذي كانت تغطي به رأسها، وضعه عليها، قبله وقبل رأسها أن تبقى عنده، أرسلت لمن يحمل لها سريرها الذي اعتادت عليه وملابسها التي كانت تخيطها عند جارتها، قال لها يوما وهو يمزح: ما رأيك أن تربطيني أمام زوجتي في السرير؟ قامتا وتعاونتا عليه، تركاه مربوطا في إحدى رجليه وهو غارق في الضحك وذهبتا لإعداد الطعام، عادا إليه ليفتحاه، وجداه قد فرش السفرة على الأرض، جلسوا للأكل، سمعوا بكاء الحفيد من الداخل، جاءت به أمه ووضعته على السرير، جلسوا يأكلون، تحرك رأس الصغير وتدلى نحوهم، سحبت الجدة خمارها من على رأسها وشدته على رأس أمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى