اللواء متقاعد عبد الحميد عبد الله عطيف
لقد كرس الخيال العربي في أساطيره صورة للبطل الأسطوري والقائد الملهم الذي يخرج من تحت أنقاض الظلم والاستعباد والقهر ليلهم الأمة وليقود الشعب إلى الانتصارات العظيمة ويعبر بهم بحار الأهوال إلى بر السلام وآفاق الازدهار والرخاء …. نجد هذه النماذج تتكرر على مدى التاريخ كسيف بن ذي يزن وأبي زيد الهلالي وعنترة والزير سالم …. …. والأساطير عموما كما يقول سعيد الغانمي في مقدمة ترجمته لكتاب ( العرب والغصن الذهبي) لياروسلاف ستيتكيفيتش (هي الأدوات التي يتحدث بها الخيال المجتمعي عن رموزه التأسيسية ويكوّن من خلالها ذاته، وأنه في ضوء هذا الفهم فإن الأسطورةتقوم بوظيفيتين في وقت واحد.. فمن حيث هي أيدولوجيا تعمل الأسطورة على توطيد الواقع القائم واستمرار وجوده ومن جانب آخر فهي تنطوي على بعدها (اليوتوبي )أي الحلم بما لم يوجد بعد ، وبالانفتاح على المستقبل وتصور أشكال بديلة يمكن أن تنوب عما هو واقع وقائم …. وهكذا يتضح أن الخيال المجتمعي يطلق رموزه التأسيسية من خلال روايته القصص والأساطير عن ماضيه ، ولكنه في الوقت نفسه يدخر في هذه القصص تطلعه المشبوب إلى المستقبل الذي يحلم بتأسيسه لنفسه …) وإذا كان الأبطال الحقيقيون قديما تبعثهم العناية الإلهية كالأنبياء والرسل أو تصنعهم الأحداث كما هو الحال في سيرة الملك عبد العزيز والقادة الفاتحين من قبله، فإنه أصبح في العصر الحالي يتم تصنيعهم في أروقة التنظيمات السرية ودهاليزها …. فأخرجت للأمة في انقلابات عسكرية أبطالاً مزيفين مرتهنين ساموا شعوبهم سوء العذاب ، وحينما انكشفت الخدعة ووعت الشعوب حجم المؤامرة انتهى دورهم وثارت عليهم الشعوب وقلبت عليهم عروشهم الكرتونية …. غير أن هذا الوعي لم يكن وليد الصدفة وإنما كان نتيجة خدعة أكبر أعادت صياغة مفهوم الأسطورة في الوعي وفي الخيال العربي، وبدلاً من القائد الأسطوري البطل الثائر المهاب الملهم (الحلم )الذي يقود شعبه للخلاص تحولت صناعة ( الحلم )إلى الشعب الثائر الذي يحاول إنتاج أبطاله الملهمين …. وهكذا انطلقت الفوضى الخلاقة كما يسميها الغرب لتخلف الفوضى فقط دون أن تتمكن الشعوب من خلق الحلم الذي تسعى إليه لأنه في الأصل لم يكن حلماً ذاتياً بقدر ما كان حلماً وهمياً صنع في مكان آخر خارج وعي المجتمعات الثائرة لتمكين الأبطال المزيفين الجدد من السلطة ولكن بحمد الله قد عرفت الشعوب الحقيقة المغيّبة وانكشفت المؤامرة الكبرى التي قادتها (قطر و الإخوان المفلسين) ومن يقف وراءهم من دول ومنظمات صهيونية، ولم تكن هذه المعرفة بلا ثمن فقد دفعت الأوطان العربية المنكوبة أثمانا باهظة لقاء ذلك وستبقى الشعوب العربية قاطبة تعاني من تداعيات تلك الفوضى لعشرات السنين ولا يسعنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل .