بقلم المعلمة /
هنادي سعود احمد القرشي
معلمة بالثانوية 33 بمكة المكرمة
يتميز العصر الحالي بالتقدم السريع في كافة المجالات، ومنها مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فقد ساهمت ثورة الاتصالات الرقمية في تسهيل سرعة عمليات التواصل والوصول إلى مصادر المعلومات، وقد صاحب التقدم الواسع لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الوقت الحاضر ظهور مجموعة من القضايا الاجتماعية والأخلاقية والمشكلات الصحية والنفسية التي تؤثر على الفرد والمجتمع، ولذلك أصبح من الضروري وضع معايير وضوابط للتعامل مع هذا التقدم والتغلب علي سلبيات الإنترنت والتكنولوجيا.
وتلعب التكنولوجيا الرقمية والإنترنت دورًا أساسيًا في حياة الطلاب، فقد أصبح الإنترنت أكثر سهولة وتوافرًا لدى الطلاب من أي وقت مضى، لذلك يقضي كثير من الطلاب وقتهم في العالم الرقمي، وقد ساعد ذلك التزايد على إتاحة فرص التعلم والترفيه والتواصل والتفاعل مع الآخرين، وظهور العصر الرقمي الذي أصبح فيه الفرد غير واع بقيم المواطنة الرقمية والمعايير التي يجب الالتزام بها، لذلك من الضروري تعزيز النواحي الإيجابية لتكنولوجيا الرقمية والاستفادة منها، وتوجيه المجتمع لتحقيق معايير المواطنة الرقمية.
وقد أصبحت ثقافة المواطنة الرقمية في المجتمع من أساسيات الحياة وضرورة ملحة، لذا يجب نشر هذه الثقافة عن طريق برامج ومشاريع بالتعاون مع مبادرات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، لكي نتمكن من حماية المجتمع من مخاطر التكنولوجيا الرقمية والاستفادة منها في بناء الاقتصاد الرقمي الوطني.
لقد أصبحت المواطنة الرقمية ضرورة وتوجهًا عالميًا فرض نفسه على الأنظمة التربوية ومتطلبات الحياة في القرن الحادي والعشرين، وقد بادرت الدول المتقدمة إلى تدريس المواطنة الرقمية في المدارس لتعزيز مهارات وقيم الطلاب في مجال المواطنة الرقمية. وتشكل المواطنة الرقمية نظام حماية لجميع الأفراد عند استخدام الإنترنت بصورة إيجابية، حيث تسعى إلى إيجاد الشخصية المتكاملة للمواطن الرقمي الذي يستطيع فهم القضايا الإنسانية والثقافية والاجتماعية المتعلقة بالتكنولوجيا وممارسة السلوك القانوني والأخلاقي ،مفهوم المواطنة الرقمية
تعد المواطنة الرقمية من المفاهيم الحديثة في الأدب التربوي، وقد نشأ مفهوم المواطنة الرقمية عندما زاد خطر الاستخدام السيئ للتكنولوجيا الرقمية، وقد تبنت هذا المفهوم العديد من الدول المتقدمة، وفيما يلي عرض لأهم تعريفات المواطنة الرقمية:
وتعرف الباحثة المواطنة الرقمية إجرائيًا بأنها: مجموعة من القواعد والضوابط السلوكية والأخلاقية والقانونية التي يحتاجها الفرد عند التعامل مع التكنولوجيا الرقمية لكي يحترم نفسه ويحترم الآخرين، ويتعلم ويتواصل مع الآخرين، ويحمي نفسه ويحمي الأخرين.
خصائص المواطن الرقمي
المواطن الرقمي هو ذلك الشخص الذي يفهم قيمة التكنولوجيا الرقمية ويستخدمها البحث والسعي إلى إيجاد فرص ينفذها ويكون لها تأثير.
كما يعرف المواطن الرقمي بأنه المواطن الذي يستخدم الإنترنت بشكل منتظم وفعال.
كما يعرف بأنه شخص لديه وعي ومعرفة بالتكنولوجيا، مع القدرة على تطبيق تلك المعرفة في صورة سلوكيات وعادات وأفعال يمكن من خلالها التعامل بشكل لائق مع التكنولوجيا نفسها أو مع الأشخاص الآخرين بواسطة التكنولوجيا.
ويرى إسمان وغونغورين أن خصائص المواطن الرقمي تتمثل في فهم القضايا الإنسانية والثقافية والاجتماعية المتعلقة بالتكنولوجيا وممارسة السلوك القانوني والأخلاقي، والاستخدام الآمن والقانوني والمسؤول للمعلومات والتكنولوجيا، وإظهار اتجاهات إيجابية تجاه استخدام التكنولوجيا التي تدعم التعاون والتعلم والإنتاج، وإثبات المسؤولية الشخصية عن التعلم مدى الحياة، وتقديم مبادرات قيادية للمواطنة الرقمية.
مواصفات المواطن الرقمي:
والتي تشمل أهم صفات الفرد الذي يتمسك بقيمه وأخلاقه ويلتزم بالسلوك الصحيح أثناء تعاملات الرقمية وهي تتمثل فيما يلى:
– يلتزم بالأمانة الفكرية.
– يدير الوقت الذي يقضيه في استخدام الوسائط الرقمية.
– يقف ضد التسلط عبر الإنترنت.
– يحافظ على المعلومات الشخصية.
– يحترم الثقافات والمجتمعات في البيئة الافتراضية.
– يحمي نفسه من المعتقدات الفاسدة التي تنتشر في الوسائط الرقمية.
كما يظهر الصدق والنزاهة والسلوك الأخلاقي في استخدام التكنولوجيا، ويساهم ويعزز قيم المواطنة الرقمية.
وقد وضعت الجمعية الدولية للتكنولوجيا في التعليم (ISTE) مجموعة من المؤشرات للطلاب لكي ينجحوا في مجتمع تكنولوجي متطور، وليصبحوا مواطنين مسؤولين، وتركز هذه المؤشرات على أن يصبح الطالب: متعلمًا متمكنًا، ومواطنًا رقميًا، ومنشئًا للمعرفة، ومصممًا مبتكرًا، ومتعاونًا عالميًا.
أهمية المواطنة الرقمية
وتتمثل أهمية المواطنة الرقمية على النحو التالي:
– الممارسة الأمنية والاستخدام المسؤول والقانوني والأخلاقي للمعلومات والتكنولوجيا.
– اكتساب السلوك الإيجابي لاستخدام التكنولوجيا والذي يمتاز بالتعاون والتعلم والإنتاجية.
– تحمل المسؤولية الشخصية للتعلم مدى الحياة.
– كونها أداة تساعد في إدراك ما هو صحيح، وما هو خاطئ، كما أنها تساعد المعلمين على الاشتراك مع الطلاب في مناقشات مرتبطة بمواقف حقيقية في الحياة.
– فهم القضايا والمشكلات الاجتماعية والثقافية الموجودة في العالم الرقمي وسبل التعامل معها
– مساعدة المعلمين على فهم مفهوم السلوك الرقمي وسبل إكسابه للطلاب وتدريبهم عليه.
ويتضح مما سبق أن المواطنة الرقمية هي معايير موجهة للسلوك الإنساني، بحيث توضح له الإيجابيات والسلبيات أثناء التعامل مع التقنيات الرقمية، كما أن اكتساب الأفراد المواطنة الرقمية يمكنهم من فهم كيفية استخدام التقنيات الرقمية بطريقة آمنة، وأخلاقية، وقانونية ليكونوا مواطنين رقميين.
وبهذا فإن المواطنة الرقمية لا تتوقف عند حد المدرسة أو الجامعة، بل تتخطى ذلك لتصبح سلوكًا يلازم الفرد في أي وقت وفي أي مكان.