مقالات مجد الوطن

الوجه الأمريكي الحقيقي!

 

“تاريخنا مكتوب بالحبر الأبيض”

إن أول ما يفعله المنتصر هو محو تاريخ المهزومين

وما أغزر دموعهم فوق دماء ضحاياهم، يا ألله، ما أسهل أن يسرقوا وجودهم من ضمير الأرض!

هذه واحدة من الإبادات الكثيرة التي واجهناها وسيواجهها الفلسطينيون كذلك..

إن جلّادنا المقدّس واحد”

(مايكل هولي إيجل، من نشطاء الهنود الحمر)

 

قد لا يعلم الكثير أن أكبر دولة انتهكت حقوق الإنسان هي أمريكا، وقامت على أشلاء الآلاف من الهنود الحمر .

 

 

والتاريخ لا يكذب!!

 

قد يكذب الأشخاص والمؤسسات وللأسف كذلك قد تكذب بعض الحكومات،

ولكن التاريخ قطعًا لم يكذب ولن يكذب..

 

والكارثة عندما تكون تلك الحكومة تدعي أنها دولة عظمى، ويراها البعض كذلك وهي من الداخل مجوفة، وغثاء كغثاء السيل تدعي الديموقراطية، وأنها تدافع عن حقوق الإنسان وهي أكثر دولة انتهكت حقوق الإنسان شرقًا وغربًا، تلك هي الحكومة الأمريكية والتي يجسدها الحزب الديموقراطي ويترأسها بايدن..

 

لن ينسى التاريخ ذلك التقرير، وبالأصح الأكذوبة التي أتى بها CIA، وادعى كذبا وعدوانًا أن العراق تمتلك أسلحة دمار شامل، والذي استخدمه بوش الابن، ووزير دفاعه رامسيفيلد؛ لغزو وتخريب ودمار وتمزيق دولة العراق.

 

 

في أحداث غزة الأخيرة، والعدوان الصهيوني على أهلها، انكشف الإعلام الغربي، والذي طالما آمن به كثيرون كمثال على الحياد، والموضوعية، والعدالة في التغطيات، ونقل الأخبار وما وراءها، على حقيقته المستترة، وأظهر عجزا واضحا في الاستمرار بتمثيل دور المحايد مادامت «إسرائيل» الصهيونية تمثل إحدى طرفي المعادلة!

لقد اتضح الآن وبما لا يدع مجالا لشك أحد من المتابعين أنه إعلام كاذب، ظالم، ومزيف بل بكل صراحة انكشفت إدارة بايدن الخبيثة، بل وحتى الحكومات الأوربية كافة، لا عدالة، لا حقوق إنسان، كذب وتزوير للحقائق، وعنصرية مقيتة ضد العرب والمسلمين خاصة.

 

وحقيقة يبدو أن أحداث غزة الأخيرة لم تكتف بتمهيد الطريق لقلب الصور النمطية فيما يتعلق بموازين القوى بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين وحسب، ولا بكشف المستور في أروقة صحف وتلفزيونات ووكالات أنباء أمريكا والغرب فقط، بل بدأت بفرز المواقف والأخبار والمادة كلها بأسلوبها الفريد في الفضح!

 

كذبة رؤوس أطفال الصهاينة المقطوعة بأيدي رجال المقاومة الفلسطينية، في أذهان من رددها من هذه الوسائل الإعلامية الغربية، على سبيل المثال كانت فاقعة للدرجة التي لم يتحمل أحد استمرارها أكثر من يوم واحد فقط، قبل أن يصحو العالم كله ليكتشف أن هذه الكذبة الكبيرة الحقيرة التي شارك بصناعتها وترويجها الرئيس الأمريكي بنفسه، في سابقة خطيرة، مجرد كذبة اعتذر منها بعضهم على استحياء؛ حفظاً لماء الوجه وتمهيدا كما يبدو للمزيد من الكذبات، بعد أن أدت مفعولها الإعلامي عالميا، وحققت الهدف الصارخ منها، ومثلها كذبات كثيرة بعضها انكشف ما أجبر صُناعها ومروجوها على الاعتذار الاضطراري الخجول عنها، وبعضها لم ينكشف بعد.

والغريب أن هناك من بقي مصراً على استخدام تلك الكذبة بل والدفاع عنها واعتبارها حقيقة لا تقبل النقاش، واتخاذها قاعدة لبناء مواقف أخلاقية عليه، حتى بعد انكشافها وتخلي صناعها عنها!

فإذا كان هناك من يكذب ليتجمل يبدو أن هؤلاء يكذبون ليجملوا الصهاينة!

 

 

قسما بالله إن كل الدساتير الغربية في حقوق الإنسان هي حبر على ورق، تستخدم وفقا لمصالحهم بعيدا عن الإنسانية، والأخلاق، والمبادئ.

 

ولعل أقدم دستور ظهر في العالم هو “وثيقة المدينة المنورة” التي صنعت مجتمعاً واحداً، الكل فيه سواء، قام على أساس المواطنة، الوحدة في إطار التنوع وضمنت الوثيقة لغير المسلمين أن يعيشوا بسلام وأمن مع إخوانهم المسلمين، وحين تعرَّض يهودي لاتهام ظالم بالسرقة، نزل القرآن ليعلن براءته ويرفض موالاة الخائنين، قال جلَّ شأنه: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً) (النساء: 105).

 

ورفَضَ كل أشكال التمييز بين الناس، كما بينت سورة “الحجرات”، فلا مكان لسخرية أو طعن ولا همز ولا لمز، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات: 11).

 

ويوم سبَّ أبو ذر العفاري بلالاً وعيَّره بأمه قائلاً: يا ابن السوداء، قال له النبي صلى الله عليه وسلم غاضباً: “ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل”.

ثم هو المُعلِن صلى الله عليه وسلم على مشهد من العالم: الدعوة إلى السلام العالمي في حجة الوداع، أنَّ الناس كلهم إخوة، وأن ربهم واحد وأباهم واحد؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى» (رواه أحمد، والبيهقي).

 

 

ختاما

دعواتنا لإخوتنا الفلسطينيين في غزة بالنصر والصبر والثبات .

 

اللهم احفظ أهل فلسطين في غزة والقدس بعينك التي لا تنام، وارزقهم الثبات والقوة والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم،

اللهم اجعل لأهل غزة العزة النصرة والغلبة والهيبة، اللهم إنّا نعوذ بك من العجز والقهر،

اللهم عليك بالصهاينة ومن ساندهم، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم، ومزقهم شر ممزق إنك ولي ذلك والقادر عليه.

 

د.علي بن مفرح الشعواني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى