مقالات مجد الوطن

 العَتَبَة

 

محمد الرياني

أسرابُ النمل تتجه إلى حفرة في مدخل البيت، صانعو الفجوة الصغيرة وضعوها بإحكام في الشق العلوي، حراكٌ يومي منتظم بلون برتقالي داكن يسير نحوها، جحافل من الذباب ذي العيون الحمراء والأجنحة الفضية تحوم حول الحفرة لحماية المخلوق الصغير ، دخولٌ وخروجٌ آمن تحت أجنحة خبيثة ، حولَ الحفرة تفوحُ رائحة الذباب، أصواتُ طنين تخترق أوقات التهام النمل للغذاء من أجل التشجيع ، المدخل القديم لم يُفتح منذ أن هجره أهله فلم يروا إطعام الذباب للنمل، في آخر زيارة لسدِّ الجوع دخل الجميع إلا واحدة، أطبقت الحفرة قبل أن تدخل مع البقية ، انتظرت خروج صاحباتها دون فائدة، عرفت أنها نجت من المقبرة الجماعية التي أعدت لهن، ظلت في مكانها، نفرَ من الجهة الثانية سربٌ من الذباب وعلى أفواهه رائحة النمل الهالك ، جاء أصحاب البيت بعد الغياب، أرادوا تجديد العتبة، أزالوا الحفرة المنتنة ، بقايا من النمل بقي لم يُلتهم ، أفرغ الذباب المختبئ حمولته وقت الهروب واتجه نحو قرى النمل القريبة، وجدَ عتبة أخرى قديمة، بنى حفرة جديدة في المسكن المهجور، لوَّح للنمل القريب بالغذاء، جاء سربٌ جديد ، حضرت النملة التي سلمت ، أوعزت إلى الأخريات أن يغادرن العتبة، هبط الذباب من القهر ونفض أجنحته، لا يزال يسكن فيها بعض الطعام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى