محمد الرياني
غابت عنه يومًا فاتهمَ الساعةَ التي في يده بأنها تتعثرُ كي يرى اليومَ طويلًا، لا يعرفُ إن كانت ساعةُ يدِها تفعل ذلك فتتوقف!! طولُ الوقتِ يجعله يبحث بين الساعات القديمة التي يحتفظ بها ليتأكد من صدقِ ساعته ، يتخيلُ أنّ طولَ ابتعاده عنها يجعل الدقائق كالموتى في توابيت تنتظر وضعَ التراب على من بداخلها، في اليومِ الذي انفضّ بطنُ الليل عن شمسٍ جديدة أعاد الساعةَ على يده من جديد؛ حضرت لتعتذر له عن الغياب، جاءت بباقةِ وردٍ ذابلة تشبهُ الدقائقَ الميتةَ في بطنِ ساعته، نظرت إلى قدميه الممددتين في الماء الساخن، آلامُ الغيابِ وصلت نحوهما وقد تعبتا من الدوران من أجلها، جلست عند قدميه تغسلهما وحرارةُ الماء تجري على يديها، تركت بجانبه باقةَ الورد وتفرغت تزيل عن رجليه فورةَ المتاعب، أحسَّ بالنبضِ الجديد يزرعُ فيه دقاتِ الحياة الجديدة، نزلَ نحوها يقبّل يدها الجميلة، دعاها لتجلس مكانه على السرير، سحب حذاءَها من قدميها وأحضر ماءً ساخنًا ليزيل عن رجليها غبار الغياب، اختلطَ الماء بالتراب وهو يتعجبُ من القدمين الناعمتين اللتين تحملتا هذا الغبار، شعرت أنّ النبضَ يتجدد والحياة لها طعم مختلف، وقفا سويًّا في الإناء وفي مائه بقية من حرارة، مضى الوقت أسرع عن سابقه ، تمنى أن يطول الوقوف، نظر في ساعته، تفقدت الوقت ، طلب منها أن تأتي بماء ساخن ، غمسا قدميهما في الإناء ، عندما بردَ الماء عادت لأحدِ أغصانِ الوردِ حياته.