محمد الرياني
كان يسعى لإرضائها بالقدر الذي يرضيها، رآها الفضاء وتخيل الأحلام مثل كبسولات سريعة تجوب الفضاء ومعها صورة فرحه ، لايتمنى أن تتعطل المحركات أو تنحبس آلة السفر نحوها، كل الخلجات تتجه إليها حتى بوصلة السفر تفعل ذلك، يريد للمعاني أن تصل بسرعة وأن تختصر المسافة فلا تضل الطريق، في المحاولة الأولى ظل يترقب وينتظر مشهد الإقلاع، حالةٌ من القلق تنتابه خوفًا من اللحظة الحاسمة زمن الانطلاق من أسفل إلى أعلى نحو عالم مخيف، من حسن الحظ أن تلك اللحظة لم تأت بعد فتعطل كل شيء وتأجل موعد الإقلاع ، تنفس بعمقٍ وترقبٍ على أن يكون الاستعداد في أحسن حالاته في المرة القادمة ، في المحاولة الثانية تحققت أمانيه وصعدت الآمال بكل ثقة على الرغم من الخوف ، بدا الجو صافيًا فلا سحب ولا سواد يغير مسار الرحلة، سماء زرقاء صافية تليق بالتحليق ؛ باستثناء الطائر الجريح الذي ربط على جرحه ليستكمل علاجه عندما تتوقف حركة البوصلة، هناك في محطة الوصول ظل ينتظر وصول الأحلام ، الأشياء عندما تتأخر تفقد نكهتها وأناقتها وجمال روعتها، تُشعر بالإحباط فتجتمع أدوات الاستفهام مثل معاول تريد أن تهدم البنيان فتتزاحم الظنون؛ ومع هذا هبطت رحلة الأحلام ، جاءته الرسائل صادمة بأنها لم تنفتح وبقيت مغلقة، تعطلت محركات الأحلام التي تنوي الاستدارة نحوه، رجع يحدث نفسه دون ضجيج، جلس بتثاقل على كرسيه الوثير في الفناء الصغير، عاد إلى واقعه فنظر حوله، فتح محبس الماء وسقى حديقته الصغيرة، نظفها من الأغصان الزائدة، قطف وردة بيضاء وأخذ يتأمل بياضها، نادى على طفله الذي يلعب حوله كفراشة صغيرة ، تأمل وجهه البريء، قرأ في عينيه أجمل الأحلام، استقرت البوصلة في مكانها.