محمد الرياني
تدهشني ابتسام ، تجوبُ الصالةَ الواسعةَ على طريقةِ العدْوِ الأنيقة، تنافسُ المعطفَ الأبيضَ نقاءً وسريرة، تكتبُ على طاولةِ كلِّ محتاجٍ رسالةً طاهرة، هي بلسمُ العلاجِ وروشتةِ الأمل، يظنُّ كلُّ واحدٍ أنها المعنيةُ بتأهيله، ما أروعَ الصالة التي تجمعُ فريقًا من عرباتٍ تشبهُ في نظرها أزهارَ الآنية ، هذه خضراءُ كلونِ الحياة، وتلك زرقاءُ كروعة البحر، وزهرةٌ حمراء كنبضِ الشرايين، ووردٌ من الجوري أبيضَ يسرُّ الناظرين، ترويها بفيض الحنان كي تتألقَ الأزهارُ وتعبقَ الورودُ بشذى الرائحةِ الطيبة، رأيتُ الابتسامَ يطرّزُ كلَّ المساحةِ من وحيِ بشاشتها، الأعضاءُ التي جاءت لتستعيد حياتها تَلقى رُواءً من فيضِ ابتسام، وكلُّ يدٍ تَسقي ماءَ الحياةِ من جديد بها ألفُ ابتسامٍ وابتسام، لاتكتفي بكتابةِ الأمل على جدران العلاج، تتجاوزُ المكانَ إلى خارج النطاق فتكتب على كلِّ الجدران عباراتِها التاريخية لتخلِّدَ عنوانًا للجميع، وكي يصطفَّ الآتونَ في كلِّ الأوقاتِ ليقرؤوا ترتيلًا نابتًا في كلّ المداخل والمخارج في مدينة الإنسانية نخلًا مثمرًا من الرجاء وظلًّا وارفًا من حياة رحبة، في مدينةِ سلطان الإنسانية ليست ابتسامُ وحدها هي مَن يساعد العظام بعد ضعفها ولا الأوتار بعد انكماشها لتستقيم…. ابتسام التي تدعو خالقَ العظام ومنبتَ الحياة كي تعود البسمات ويتألق الإشراق هناك من يرفع معها الأيدي من أجل أن يظلَّ نبض الخير ينبض بالخير.