محمد الرياني
تُخرجُ ثديَها من فتحةِ ثوبِها على صدرِها نحوَ فمِ الصغير ، كأنَّها تُخرجُ الحياةَ من جديد ، يَمصُّ الصغير شيئًا أبيضَ اللونِ حدَّ الشبع ولم يقتنع ، يمصُّ اللبن، قد تُنهكُ حَلَماتِ ثديِها حركاتُ الصغير فتدخلُ في نوبةٍ من تعبٍ أو تغمضُ عينيها كي ترى الأحلامَ ؛ أحلامَ ابنِها عندها ، تنقلبُ نحوَ الجهةِ الثانية فتأخذه إلى حيث تتجه ، تُخرجُ حَلَمةَ ثديها الأخرى فيشهقُ الصغيرُ فرحًا وهو يرى ثديَ أمه ،يتعلقُ بها أكثرَ فيضمها نحوه أكثر ، يتعانقان وكأنهما لم يلتقيا منذ زمن ، تضخُّ الحياةَ في رُوحِ الصغير ،تمتلأ معدته ، يُصدرُ صوتًا جميلًا من فمه ،تضربُ على ظهره لتهدأ نفسه ، يغمضُ عينيه كي ينام ،تضعه في ( هندوله ) ليمضي يومًا هانئا ، تقومُ لبعض شأنها وتنفع نفسها ، تصنعُ إفطارًا خفيفًا بفعل التعب وتنسجُ حياةً ليومٍ جميل ، يأتي إليها رفيق العمر ليشاركها المتعة ، يتحركُ الوليدُ في قطعةِ القماشِ المعلقة ، يهزَّانه هزًّا خفيفًا وهما يبتسمان ، نم ..نم يا… ، يعودُ ليكملَ نومَ العافية ، يقابلها على سريرِ الصغير ليطعمها مرة وتطعمه مرتين ، يمسكُ معها كي ترتاح على السرير ، يقرأ بعض التراتيل ، يدعو لها ويدعو للصغير ، تغمض عينيها وهي تستمع إليه ، تدعو له على كلماته الصاعدة نحو السماء ، يتمتمُ ببعض الكلمات فتفعل مثله ، تشعر أن ثدييها وقد عادت لهما الحياة ،تربتُ بيدها على ثديها الأول ثم على الثاني من أجل أن يسكنا ، تنتظر حتى يقوم الصغير من نومته ، تضغط على طرفِ حَلَمةِ ثديها كي ترى حليب العمر الذي ينتظر ابنها .