محمد الرياني
سامحيني، يقولُ لها سامحيني وهو يمسحُ دمعةً صغيرةً من عينِه اليمنى ، عندما قبَّلتُكِ لم أكنْ أُحبُّك، تماديتُ لدرجةِ الإغراقِ في التقبيلِ كي أُرضي نفسي لا لأرضيك، كلُّ همِّي هو أن أُشبعَ غرائزي المدفونةَ داخلي دون أيِّ اعتبارٍ آخر، حتى الغطاء الأخضر الذي غطيتُ رأسَكِ به لم أضعْه ليقيكِ لفحةَ البردِ أو لأدفنَ خجلكِ في وضحِ النهارِ عندما تقع عينيك في عيني، الأمرُ ببساطةٍ أن أعيشَ جوًّا من أحلامي، أحلامي أنا ولستِ أنت، ظلَّت ساكتةً مطرقةً تستمعُ إليه مستسلمةً دون أن تثورَ في وجهه، تركتْه يفرغُ عواطفَ الأنا بداخله ، قالت له : لقد تعمدتُ عدمَ تغييرِ رائحةِ فمي بسببِ أحداثِ حُلمٍ كئيبٍ رأيتُه في منامي، شممتُ رائحةَ فمي الكريهةَ فتركتُها كي تستقرَّ في فمٍ آخر، وأن تتبعثرَ الأحلامُ لتلوكها – أنت – أثناءَ سَكْرتِكَ، أسقطَ رأسَه إلى الأرضِ وهي تواصلُ حديثَها، لقد تركتُ الخمارَ الأخضرَ الفضفاضَ كي لاتنبعثَ رائحةُ النتَنِ خارجنا، وضعَ يدَه على فمِها وهو يريدُها أن تصمت، ثم وضعَها على فمِه ليتأكدَ من صدقِ حديثها، رمتْ عليه الغطاءَ ليستُرَ مابقيَ من أوهام، تركتْه واتجهتْ نحوَ المرآةِ تتأملُ وجهَها الجميل، غسلتْه من كآبةِ الليلِ حتى بدا حسنُها المختبئ وتبدَّلَ حالها، رآها في أحسنِ صورة، لم يجرؤ على دعوتِها من جديد ليُفرِغَ مابقيَ من نزوتِه الباهتة، اكتفتْ بالنظرِ إليه بسخرية، لم يصدِّقْ أنَّ وجهَها الجميلَ تلفظُ شفتاه نتنًا سكنَ من الليل، أرادَ أن يعتذرَ فأغلقتْ في وجهِه البابَ وتركتْه يستروحُ رائحةَ خمارها .