“لا يمثل الموت أكبر فقدٍ في الحياة ، إن أكبر فقدٍ هو ما يموت في أعماقنا خلال الحياة ”
( نورمان).
نحن نولد لنموت، ونموت لنحيا ، فالموت نهاية الدنيا وبداية الحياة الآخرة، ورغم كون الموت (نهايةً حتميةً للحياة ، ولا اعتراض على قضاء الله وقدره ، إلا أن الأسى والحزن، مشاعر مرتبطةٌ بالفقد، خاصة عندما نفقد أشخاص مقربين منا كثيرا، كفقد( الزوج، الأم، الأب ، الابن ، الأخ ..الخ) ، لذلك لابد أن نترك فترة الحزن والألم تأخذ وقتها اللازم ، لحين التمكن من تقبل الفقد والقدرة على التكيف مع الحياة الجديدة ، ولا ينبغي أن نقلل من حزن فاقدٍ أو نمنع فاقد قريبه من الحزن ونسفه حزنه، بحجة القوة والصلابة والدين .
والعديد من الدراسات بينت أن من أصعب أنواع الفقد والألم هو فقد الزوج، لكونه يرتبط بمشاعر الأسى والاضطرابات ، والشعور بالوحدة ، وفقدان الشريك يصيب الشريك باضطراب فقدان الهوية الاجتماعية ، فبعد ما كان يسمى زوجًا يصير أرمل، وهذا لقبٌ صعب ، خاصة بالنسبة للمرأة ، لما تجد من صعوبةٍ في تحديد اتجاه حياتها المستقبلية، كما تشعر بالوحدة والعزلة الاجتماعية والاغتراب النفسي ، وتجد صعوبةً في تحديد الدور الأسري الجديد ، فالمرحلة الجديدة تتطلب لعب دورين في دورٍ واحد ، فهي ستقوم بدور الأم ، ودور الأب في آنٍ واحد ، مما يسبب لها انعدام التوازن العاطفي وصعوبةً في التكيف مع الحياة، خاصةً إذا كانت تعيش في مجتمعٍ غير داعم لها نفسيًا واجتماعيا ،
وقد يسبب لها هذا الوضع الجديد الاكتئاب ، أو القلق من المستقبل ، بالإضافة إلى ظهور أعراضٍ صحيةٍ مرتبطةٍ بالفقد ، كالصداع المزمن ، وفقدان الشهية العصبي، أو الشره للأكل ، أو ارتفاع الضغط ، وغيرها من الأعراض السيكوسوماتية التي منشأها القلق النفسي والخوف من المستقبل، وظهرت في صورةٍ مرضية ، لذلك حث الإسلام المجتمع المسلم على الاهتمام بالأرملة ورعايتها، فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم : ((” السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ، أوِ القائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهارَ.”.))
وأمرنا الإسلام بمساندتها والسعي لقضاء حوائجها، لأنها تربي أيتامًا وهذا الدعم نوعٌ من المساندة العاطفية ، وتثبيتًا لها على الصبر، والسعي على الأرملة يساعدها في المحافظة على أولادها وحمايتهم من الضياع والتفكك الأسري، كما عظم الإسلام أجر الأرملة التي تفقد زوجها وتصبر وتحتسب ، وتحبس نفسها لتربية أولادها، فقال فيها النبي صل الله عليه وسل ” أنا أول من يفتح له باب الجنة ، إلا أنه تأتي امرأة تبادرني فأقول لها : مالك ؟ وما أنت ؟ فتقول أنا امرأة قعدت على أيتامٍ لي.
انتظرونا في المقال القادم : كيف تتغلب الأرملة على الضغوط النفسية؟ .