د/ إبراهيم بن محمد أبو عباة*
الحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فقد بدأ عهد الإمام محمد بن سعود رحمه الله بتوليه الحكم في الدرعية وقيامه بتأسيس الدولة السعودية الأولى في النصف الثاني من عام 1139 هـ الموفق 22/2/1727 م وكانت الدرعية قبل تولي الإمام محمد بن سعود تعاني من انقسامات و نزاعات كما واجه المؤسس الكثير من العقبات والتحديات ولكنه رحمه الله استطاع بما أوتي من حكمة وحنكة وشجاعة و همة وقدرة على التأثير مع ما يتصف به من استقامة و صلاح وتدين وحب للخير استطاع أن يواجه كل هذه المشكلات و العقبات والتحديات وأن يتغلب عليها و يوحد الدرعية ويتمكن من نشر الأمن و الاستقرار في أرجائها وما حولها وقد ذُكر عنه رحمه الله أنه لا يرى شاباً من أهل بلدته غير متزوج إلا سأل عن حاله فإذا قيل له إنه لا يستطيع الزواج أمر بمساعدته وتجهيزه وأمره بالزواج وهذا نموذج من نماذج كرمه وحبه للخير ..
وبعد أربعين سنة من العمل الجاد والكفاح المتواصل والقيادة الحازمة تمكن من تأسيس دولته
وكان من أبرز اعماله وانجازاته:
توحيد شطري الدرعية تحت حكم واحد.
تنظيم الحياة الاقتصادية للدولة.
الاستقلال السياسي وعدم التبعية لأي قوة أو زعامة داخلية أو إقليمية.
التصدي للقوى الغازية التي تهدف إلى القضاء على الدولة الناشئة.
مناصرة دعوة الشيخ المصلح محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
تأمين طرق الحج والتجارة.
وقد قامت هذه الدولة التي أسسها وبناها محمد بن سعود على الإسلام الخالص المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يقول المرحوم الملك فهد بن عبد العزيز قامت هذه الدولة السعودية الأولى على الإسلام وعلى منهج واضح في السياسة والحكم والدعوة والاجتماع
ويؤكد ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه حيث يقول إن هذه الدولة التي قامت منذ ثلاث قرون تقريباً أو أكثر هي دولة التوحيد التي قامت على أسس ثابتة من الكتاب والسنة
ويقول حفظه الله في محاضرة ألقاها في الجامعة الإسلامية:
“وما قامت به الدولة السعودية أشار اليه المؤرخ الاجتماعي عبد الرحمن بن خلدون في رؤيته التاريخية العامة حين قال إن العرب لا يحصل لهم ملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو إثر عظيم على الجملة وهذا هو الذي تحقق حيث قامت الدولة السعودية الأولى على أساس الدين وكان له الأثر الكبير من حيث الأمن والاستقرار والازدهار”
ومن هذا المنطلق أدرك الإمام والمؤسس محمد بن سعود رحمه ببصيرته النافذة وحكمته البالغة وفطرته السليمة أهمية العلم والدعوة فما كان منه رحمه الله إلا أن استقبل الإمام المصلح المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الدرعية ورحب به وتم الاتفاق بينهما وتعاهدا على نشر الدين الصحيح وتأسيس دولة تقوم على ذلك وقال الأمير محمد بن سعود للشيخ محمد (أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة) فرد عليه الشيخ قائلاً:
“وأنا أبشرك بالعز والتمكين وهذه كلمة لا إله إلا الله من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد وهي كلمة التوحيد وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم.”
ويقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وفقه الله معلقاً على ما دار بين الأمير والشيخ من حوار أخوي صادق وما اشتمل عليه من عهد وميثاق
“هذا الحوار التعاهدي انطلق من أمير أسس إمارة قوية ومستقرة ومهيئة لحماية الدعوة وجعل تجاهها نحو الدين أساساً من أسسها ومن شيخ ناصر التوحيد ودعا إليه وبشّر بدولة مباركة تقوم على نصرة التوحيد وأصبحت هذه البيعة ركناً أساساً من أركان الدولة السعودية إلى اليوم بحيث تلتزم بتأسيسها على الدين الصحيح وهذا الركن الأساس هو الذي ميز الدولة السعودية عن غيرها ومع أن الإمام محمد بن سعود من اسرة تعود في أصولها الى بني حنيفة وتسكن في الوادي الذي يسمى باسمها فإنه لم يؤسس الدولة على عصبيته أو قبيلته بل تجاوز ذلك ليؤسسها على الدين ويلتزم هو وابناؤه واحفاده إلى يومنا هذا بهذا التأسيس وبهذه المبايعة التاريخية بدأت أسس الدولة السعودية الأولى التي تقوم على الدين.”
إن هذه الكلمات الرصينة العميقة المستقاة من الواقع من رجل السياسة والثقافة والتاريخ والجغرافيا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود حفظه الله جاءت لتؤكد الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى والتي استمرت علها الدولة في جميع مراحلها إلى يومنا هذا وتؤكد الرباط الوثيق بين الدولة الدعوة اسأل الله عز وجل أن يجزي قادتنا وولاتنا خير الجزاء وأن يرحم من مات منهم ويحفظ الأحياء ويبارك لهم في أعمارهم وأعمالهم وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ويمدهم بعونه وتوفيقه ونصره وتأييده كما أسأله أن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه إنه سميع مجيب.
*عضو مجلس إدارة جمعية التنمية والتطوير بشقراء