لو كان ثمة حقيقة واحدة في هذه الدنيا يتفق عليها الناس ، فهي الموت، لكنهم يتناسونه ، وذلك النسيان نعمة من عند الله؛ لأنه لو كان الموت مخيما على الإنسان طوال الوقت لتكدرت حياته .
فالحياة تبدأ ثم تمر بمراحلها كلها لتنتهي عند عتبة الموت؛ لأن العمر قد تم، والأجل قد حان، والرصيد قد نفد
*لكل شيء إذا ما تم نقصان* *فلا يغر بطيب العيش إنسان*
ولا بد من الحور بعد الكور، ولأن النقصان يتلو التمام:
*إذا تمَّ أمرٌ دنا نقصه* *توقع زوالاً إذا قيل تم*
ولو كتب الله الخلود لبشر، لكان ذلك لمحمد صلى الله عليه وسلم، إذ خاطبه قائلا : )أفإن مت فهم الخالدون) و ( إنك ميت وإنهم ميتون)
فقد قضى الله على جميع الأنفس به ( كل نفس ذائقة الموت)
من المدهش حقا أنَّ ما تحيا به رصيد من الأنفاس، إن انتهت حان أجلك وجاء موتك:
*حياتك أنفاس تعد فكلما مضى نفس منها نقصت به جزءا*
*يميتك ما يحييك في كل ساعة ويحدوك حادٍ ما يريد بك الهزءا*
يتسلل الموت خفيا لا يُرَى، فقد شبهه المتنبي بالسارق:
*وما الموت إلا سارق دقَّ شخصه* *يصولُ بلا كفٍّ ويسعى بلا رِجلِ*
ـــــــــــــ
*طارق يسن الطاهر*
*Tyaa67@gmail.com*