مَرْثِيَةُ الابْنِ حَسَنِ بِنِ زَيْدَ آلِ مَهَارِش
رحمه الله :
حَزِنَ الْوُجودُ فَكُلُّ عَيْنٍ تَسْفَحُ
والدَّمْعُ عَنْ هَوْلِ الْفَجِيعَةِ يُفْصِحُ
وَالْكَوْنُ مَسْلُوبُ الرَّشَادِ كَأَنَّهُ
ثَمِلٌ يَسِيرُ مِنَ الطِّلاَ يَتَرَنَّحُ
وَالأَرْضُ حَيْرَى وَالذُّهُولُ يَحُفُّهَا
تَمْشِي وَفِي قَيْدِ الْكَآبَةِ تَرْزَحُ
وَكَأَنَّنِي المَذْبُوحُ مِمَّا هَالَنِي
ترَكُوهُ يَخْبِطُ فِي الدِّمَاءِ ويَسْبَحُ
مَادَتْ بِيَ الدُّنْيَا وَسَادَتْ حُلْكَةٌ
فِي نَاظِرَيَّ ظَلَامُهَا لايَبْرَحُ
مَاذَا جَرَى , وَمَضَى سُؤَالِي حَائِرَاً
يَعْدُو وَمِنْ خَوْفِ الإِجَابَةِ يَجْمَحُ؟!
مَاذَا جَرَى ,أَتُرَى القِيَامَةُ أَقْبَلَتْ
أَهْوَالُهَا أمْ أَنَّ عَقْلِيَ يَشْطَحُ ؟
أَتُرَاهُ ابْنِي مَاتَ هَذِي كِذْبَةٌ
والزُّورُ فِي وَهَجِ الحقيقةِ يُفْضحُ؟!
أَتُرَاهُ عَنِّي فَاتَ وَيْلِي بَعْدَهُ
كَيْفَ الْحَيَاةُ وَأَيُّ عَيْشٍ يَصْلُحُ؟!
عَظُمَ المُصَابُ فَلَا مَسِيلُ مَدَامِعِي
يَطْفِي الْلَّهِيبَ وَلَا الْقَوَافِي تَشْرَحُ
والآهُ بَعْدَ الآهِ فِي صَدْرِي غَدَتْ
مِثْلَ الخَنَاجِرِ في فؤاديَ تَجرحُ
أَبُنيَّ مَاطِيبُ الْحَيَاةِ بِنَافِعِي
وَالْعَيْشُ مِنْ دُونِ الأَحِبَّةِ يَقْبُحُ
كَيْفَ السُّلُوُّ وَجُرْحُ فَقْدِكَ لَمْ يَزَلْ
يُبْنَى لَهُ فَوْقَ الأَضَالِع مَسْرَحُ
مَاذَا أَقُولُ لِعَامِلٍ واسَيْتَهُ
وَلَطَالَمَا يُمْنَاكَ كَانَتْ تَمْنَحُ؟
مَاذَا أقُولُ لِبَائِعٍ أَفْرَحْتَهُ
ولَكَمْ قُلُوبٍ مِنْكَ كَانَتْ تَفْرَحُ؟
مَاذَا أَقُولُ لِعَاجِزٍ وَيَتِيمَةٍ
أَبَداً تُعِينَهُمَا ودَمْعًا تَمْسَحُ
مَاذَا أَقُولُ إذا حُسَينٌ جَاءَنِي
مَتَسَائِلا أشواقُهُ لا تُكبَحُ
والْقِطُّ إنْ وافَى إليَّ مُوَاؤُهُ
مَاذَا أَقُولُ وَأَيَّ ثُكْلٍ أَشْرَحُ
مَاتَ المُطيعُ البَرُّ مَن كلِمَاتُهُ
لِلْوَالِدَيْنِ بِكُلِّ حُبٍّ تَنْضَحُ
مَاتَ التَّقِيُّ البَاذِلُ الْفَذُّ اَلذِي
عَاشَ الزَّمَانَ لِمَنْ بَرَاهُ يُسَبِّحُ
مَاتَ الرَّحِيمُ وَمَنْ تُرَاهُ كَمِثْلِهِ؟
قَلْباً عَطُوفاً بِالسَّمَاحَةِ يَنْفَحُ
مَاتَ الَّذِي فِي كُلِّ زَاوِيةٍ لَهُ
ذِكْرَى لَهَا عَيْنيَّ كَمْ تَسْتَمْلِحُ
مَاتَ الَّذِي بِالْخَيْلِ يَحْيَا مُولَعَا
يُمْسِي شَغُوفاً بِالْمُهُورِ ويُصْبِحُ
مَاتَ الْفَتَى الْمَحْبُوبُ مِنْ أَقْرَانِهِ
ومُعَلِّمِيهِ وكُلِّ عَينٍ تَلْمَحُ
مَاتَ الَّذِي وَسِعَ الْكِتَابَ فُؤَادُهُ
حِفْظا وبِالسُّوَرِ الْكَرِيمَةِ يَصْدَحُ
يَغْشَى الْمَجَالِسَ هَيْبةً وَتَوَاضُعَا
فِإذَا رَآهُ الْجَاِلسُونَ تَفَسَّحُوا
أبُنَيَّ قَدْ فَارَقْتَ تَنْشُدُ جَنَّةً
أَبْقَى مِنَ الدُّنْيَا،أحَبُّ وأَفْسَحُ
أَبْوابُهَا وَلَكَمْ حَلُمْتَ بِطَرْقِهَا
مِنْ أيِّهَا أَقْبَلْتَ ،دُونَكَ تُفْتَحُ
فَاهْنَأْ بِجَنّاتِ النَّعِيمِ وطِيبِهَا
إِنَ التَّقيّ وَرَبِّ أَحْمَدَ مُفْلِحُ
وعَلَى الأَرِائِكِ فاتَّكِئْ فِي غِبْطَةٍ
وانْعَمْ بِخُلْدٍ دَائِمٍ لَكَ يُمْنَحُ
حَقٌّ لَكَ الجَنّاتُ يَا وَلَدِي وَلِي
نِعْمَ الْعَزَاءُ وأنتَ فِيهَا تَمْرَحُ
حمود القاسمي