مقالات مجد الوطن

مقامة البقاء والصمود

 

هما بَذرتان، زُرِعتِ الأولى قبل الثانية بفترات مديدة ، وبسنوات عديدة.

رغم ذلك، نبتت البذرتان، ونمتا معا، وزكا زرعهما، فاستوت كل واحدة منهما على سوقها، وأعجبت الزراع والرائي والناظر والمتأمّل، لكنهما غاظتا الحاقد والحاسد والجاهل والمتأوِّل.

كانتا بارزَتَيْن في أرض الشتات، مختلفتين عن بقية النبات ، متميزتين عن سائر الشتلات.

بينهما تشابه عميم، وتناغم عظيم، رغم ما بينهما من مسافة كبيرة، واختلافات كثيرة، وبون شاسع في الزمان، و فرق بعيد في المكان.

ذات ليلة، هبت عواصف، مع الصوائف، وشبَّت حرائق، وجاءت طوارق، ، فانتهت كل الأشجار ما بين مقتلَعَة ومحترَقَة، ولم يبق إلا هاتان الشجرتان، تحلق فوقهما الأطيار، ويجلس تحتهما السُّمَّار، ويصعد عليهما المتسلقون، ويرميهما بالحجر الرامون.

فيجد لديهما كلُّ طالب بغيته، ويحقق كل راغب رغبته، ولن تقصِر أيٌّ منهما على نفسها عوارفها، كتلك الحمقاء التي هوت في النار تستعر، فأصابتْها من الأيام صوارفُها.

فكانتا -حقا- “آخرحبيتين”، جسَّدتا البقاء والصمود، وأكَّدتا الاستمرار والخلود.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
طارق يسن الطاهر
Tyaa67@gmail.com**

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى