الروح/ صفية باسودان – جازان
ومع انعطافي يسارًا أدرت رأسي صوب صوتها، ومن هول ما رأيت كان أحساسي مثقل بهذه المصيبة، ودون أن أشعر فر ذهني وضغطت على دواسة البنزين، كان الكيس في آخر نفخة وينثر اشلائه علينا.
صرخت (قناعة): أحذري هناك سيارة على يميننا.. تسير خلفنا مسرعة، أن قائدها يكبس لكِ كي تفتحي له الخط.
قلت لها:
– وعلى يسارنا سيارة الأمن بموازاتها سيارة أخرى واقفة بجوار الرصيف.
– انتبهي.. لقد اقترب كثيرًا منا أوشك أن يحتك بالنور الخلفي.. ابتعدي عنه.. أن هذا لا يهمه أحدًا على هذه السكة.. أفسحي له.. أفسحي له.
ضرب على بوق السيارة ضربة مطولة.
أوصيت (قناعة) بأن تأخذ بالها من نفسها وتتمسك بها، ثم قلت في نفسي: “أن لم يخفف سرعته مؤكد انه سيصدمنا، المسافة بين السيارات شبه لصيقة ليس هناك وقتًا ولا حلًا إلا أن أتجاوز السيارتين حالًا”.
بعد أن تجاوزت السيارتين لحقني سائق المركبة الأرعن الذي كان في الناحية اليمنى وتقدم عنا بقليل.. لحظته بعيني.. ثم فتح النافذة وأخرج ذراعه اليسرى موجهًا رأسه الدائري الضخم ذو الشعر الجاف والنظارة الطبية الكبيرة صوبنا، ويده الأخرى تمسك بالمقود، ولسانه الهادر يرغى ويزيد، لم تسكن عواصفه ولم تهدأ رعوده.
اشتعلت (قناعة) بعدما هز زلزال شتمه مسمعها، فتحت هي الأخرى النافذة وقالت لي: ” لا تبتعدي عنه فلكم أنا مشتاقة إلى هذه اللحظة سأرمي بهذا الكيس في وجهه العكر لربما غسله وصفي”.
ابتسمت وجنبت نظري عنهما.. تخطيت تصرفاتهما بالتجاهل وكأن لا شيء يهمني ولا يعنيني.
وقبل أن تتفوه (قناعة) عليه كان قد انعطف يمينًا، سلك وجهته، وسكت صهيل عجلاته.