اعلم بـأن الزرع نوعان
زرع الشجر ،،
وزرع الأثر ،،
فإن زرعت الشجر ربحت الظل والثمر ,
وإن زرعت الأثر حصدت محبة الله والبشر ..
جميل أن تترك أثرًا طيبًا.. حيثما كنت..
وجميل أن تترك أثرا من بعدك..
ولا تعتقد أن الأمر صعب..
أنت تستطيع ذلك بابتسامتك ،التي تمنحها لعامل متعب تصادفه في الطريق..
بضحكة تشجيع تطلقها لطفل . يحاول أن يستند من كبوته الصغيرة..!
اترك بقايا عطرك في مجلس جلسته فتحدثت بالخير ،،،الذي يجمع الآخرين ويقربهم بالإيجابية التي تجعل من حياة الناس أفضل.
لا تعتقد أن الأثر الطيب الذي نقصده هو أن تبني جسرا أو مسجدا أو تُنشئ مستشفى..! نعم انها إنجازات كبيرة وجليلة.. ولكن كل إنسان بما يستطيع.
دع لك أثرا في كلمة حق أو تشجيع أو نصيحة،،
أو مواساة لأحدهم.
لا شيءأجمل من أن يخبرك أحدهم ،،،
بأنك أحد الأسباب التي غيرت حياته للأجمل ،،،
هذا هو الأثر الطيب والغرس المثمر الذي يغرسه الإنسان حتى لو لم يكن موقنا بأنه سيجني منه شيئا في حياته..!
لأن ثمة من سيجني منه، آجلاً أو عاجلاً، وعلى مبدأ تلك الحكمة الخالدة (غرسوا فأكلنا.. ونغرس فيأكلون)..
فثمة لكل منا وظيفته في هذه الحياة، ولكل منا أثره الذي يبقى بعده، وغرسه الذي قد يبدأ ببذرة بسيطة جدا، ولكن مع السنين يصير حقلا واسعا
أو شجرا مثمرًا ممتدا..!
وفي الحديث النبوي الشريف وصية جميلة وشديدة الدلالة والروعة: «إن قامت الساعة وفي يدِ أحدكم فسيلة ، فإن استطاع ألان تقوم حتى يغرسها فليغرسها ».!
وثمة قصة لطيفة وعميقة جدا ترويها السيرة النبوية الشريفة عن حديث السيدة خديجة رضي الله عنها حين جاءه الوحي فهرع إلى شريكة حياته يروي لها ما حدث له وقد أصابه الفزع.. فماذا قالت له..؟؟
قالت تطمئن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشد من أزره: «والله لا يخزيك الله أبدًا ؛ إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين
على نوائب الدهر»..!!
إنها أفعالنا وتصرفاتنا وأخلاقنا التي وإن كنا نوجهها إلى الآخرين ،،
إلا أنها في النهاية تنعكس علينا.. وترتد توابعها إلينا وتبعاتها علينا.. بل إنها في كثير من الأحيان تشكل حيثيات تساعدنا في قراءة مصائرنا ومصائر الآخرين.. ،،تماما كما فعلت السيدة خديجة رضي الله عنها وهي تقرأ في لحظات قصيرة المصير الذي تراه لزوجها من خلال أفعاله وسجاياه وتصرفاته: «لا يُخزيك الله أبدًا».!! إنها القراءة الأوضح للمصير الأجلي..!
الأثرُ الطيب الذي يصنعه الإنسان في مسيرةِ حياتِه هو إرثه،،، الذي يبقى ويبقى حتى بعد فناء الأشياء..
وهي أفعاله وتصرفاته تجاه الناس والأشياء من حوله،،، وهي التي لا تحدد له مكانته في قلوب الناس وعقولهم فحسب، بل تعطي فكرة عن تعامل الله مع هذا الإنسان ،،،
” إذا لم تستطع أن تترك اثراً جميلا في القلوب ،
فلا تزرع فيها ألماً لا ينسى “.
و في النهاية
اللهم اجعلنا ممن يغرسون الأثر الطيب في قلوب الآخرين ،،،
الكاتبة : ندى فنري
مدربة / مستشارة