الزمن.. ذاك السر الأبدي الذي لا يعلم مداه سوى الخالق، لغز حير الألباب منذ بدء الخليقة، ولا أبالغ إن وصفته بذروة الشفرة لحل مكنون الكون والحياة، لذا هو أمر غير قابل للإدراك الكلي بل حاول العلماء فقط فهم بعض أسراره ولم يفلحوا.
وتم عبر الزمان ذاته ومع تقدم الخبرات البشرية وبمساعدة المصادر التشريعية الإلهية.. تم تقسيم الزمن إلى وحدات فمثلا هناك إشارة في القرآن لبعض أيام الأسبوع كالجمعة والسبت، وذكر أيضا مدة خلق السماء و الأرض في القرآن و السنة، وكانت الأفلاك و النجوم معايير لقياس الوقت والزمن، ثم تطورت البشرية وظهرت الساعة كاختراع بشري مهم لقياس الوقت حتى وصلنا اليوم لتقنيات جبارة و غير مسبوقة تتعلق بالزمن والوقت وتطبيقاتهما وماشابه، وظهرت النظريات والقوانين الفيزيائية والتي تشرح العلاقة بين الزمن و معطيات أخرى، فلمع اينشتاين بنظرية النسبية وسواه بقوانين الحركة و السكون المعروفة وهكذا .
واليوم ودعنا زمنا بإحدى وحداته وهو العام المكون من إثني عشر شهرا، ونستقبل وحدة زمن أخرى هي عام جديد، وشاء المولى الحكيم أن كانت الأعوام المنصرمة ذات شجون وآلام وجائحة ظللت الكرة الأرضية بجناحين من سواد جاثم حجب وهج الفرح عنها، وباقتراب نهاية اليوم الأخير من شهر ديسمبر، انهال سيل من التعليقات الحانقة والتعابير العجيبة والنكات المبتكرة حول ألم البشرية من أحداث ومجريات، و أثار ذلك عجبي وامتعاضي وكأن العام 2022 حاكم بأمره يملك أمر خيبته وهمومه، ونسى الناس أنها مجرد فترة من وقت جعل الله فيها مافيها من الصعوبات، وانقسم الخلق بين متفائل ومتطير .. وبين شاتم ل 2022 ومتعاليا عليه ونافرا منه، بينما يصف المولى ذاته العلية بأنه الدهر وحذرنا من سبه نعوذ بالله من ذلك..حاشاه جل في علاه.
أحبتي.. الوقت لا يملي على الحياة مجريات سيئة أو حسنة بل هي مقادير وابتلاءات أو اختبارات يقررها الخالق ليفصل بين عباده وأنماط توجههم نحو الاختيار مابين صبر وكفر .
2022 رحل بجميع مافيه من رهق عتيد .
و 2023 ولد مع فجر جديد .
فلنتفاءل ونسأل الله التيسير والبركة.
ذاك الصفر استبدل بواحد ثم اثنين ليشيع فينا حبور البدء و الحماس، ما أسرع ما تم ذلك فالسعادة ليست برقم وتاريخ بل برضا داخلي يولده إيمان قوي .
د. فاطمة عاشور